التوضيح لشرح الجامع البخاري

الأحقاف

          ░░░46▒▒▒ (وَمِنْ سُورَةِ الأَحْقَافِ)
          هي مكِّيَّةٌ كما جزم به الثَّعلبيُّ، وفيها آيتان مدنيَّتان، قال: {أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ} [الأحقاف:10] قال ابنُ عبَّاسٍ: نزلَت في ابنِ سلامٍ وابنِ يامين النَّضريِّ عُميرِ بنِ وَهْبٍ. وقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف:11] قال الكَلبيُّ: نزلت بالمدينة {وَالَّذِينَ كَفَرُواْ} [الأحقاف:3] أسدٌ وغَطَفان وحنظلة بن مالكٍ، {وَالَّذِينَ آمَنُوا} جُهَينة ومُزَينة وأسلم. وقال مقاتلٌ: قوله: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف:35] نزلت بالمدينة، و(الأَحْقَاف) رمالٌ مستطيلةٌ باليمن في حَضْرَمَوتَ.
          (ص) (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تُفِيضُونَ} [الأحقاف:8] تَقُولُونَ) أسندَه ابنُ أبي حاتمٍ عن حجَّاجٍ عن شَبَابة عن وَرْقاءَ عن ابنِ أبي نَجِيحٍ عنه.
          (ص) (أَثَرَةٍ وَأُثْرَةٍ وَأَثَارَةٍ: بَقِيَّةٌ مِنْ عِلْمٍ) هو قول أبي عُبيدة، وقال الحسن: الشَّيء يُثَارُ، أي يُستَخرَجُ، وقال ابن عبَّاسٍ: هو الخطُّ، ورفعَه عن رسولِ اللَّهِ صلعم، وقال قَتَادةُ: خاصَّةٌ مِنْ علمٍ، يُقَالُ: لفلانٍ عندي أَثَرةٌ وأُثْرةٌ، أي شيءٌ أخصُّه به، ومنه: آثرتُ فلانًا على فلانٍ، وقيل: خبرٌ عن بعض الأنبياء، مِنْ أَثَرتُ الحديثَ.
          (ص) (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف:9] أي لَسْتُ بِأَوَّلِ الرُّسُلِ) أسندَه ابنُ المُنْذِر عن علان عن أبي صالحٍ عن معاويةَ عن عليِّ بن أبي طلحة عنه.
          (ص) (وَقَالَ غَيْرُهُ: {أَرَأَيْتُمْ} [الأحقاف:4] هَذِهِ الأَلِفُ إِنَّمَا هِيَ تَوَعُّدٌ، أَنْ مَا تَدَّعُونَ لاَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ: {أَرَأَيْتُمْ} بِرُؤْيَةِ العَيْنِ، إِنَّمَا هُوَ: أَتَعْلَمُونَ، أَبَلَغَكُمْ أَنَّ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ خَلَقُوا شَيْئًا؟!) قلت: وجوابُ الشَّرط محذوفٌ، التَّقدير: إن كان هذا القرآن مِنْ عند اللَّهِ وكفرتم به ألستم ظالمين؟ ويدلُّ على هذا المحذوفِ قولُه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51].