التوضيح لشرح الجامع البخاري

سورة هود

          ░░░11▒▒▒ (وَمِنْ سُورَةِ هُودٍ ◙).
          هي مكِّيَّةٌ، وقيل: إلَّا آية {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ} [هود:12]، وقال مقاتلٌ: إلَّا آيتين {أَقِمِ الصَّلَاةَ} [هود:114] و{أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [هود:17]، نزلت في ابن سلامٍ وأصحابه.
          (ص) (وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ: الأَوَّاهُ الرَّحِيمُ بِالحَبَشِيَّةِ) وقد سلف الكلام فيه في براءة.
          (ص) (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بَادِيَ الرَّأْيِ} مَا ظَهَرَ لَنَا) هذا أسندَه أبو مُحمَّدٍ مِنْ حديث عثمان بن عَطاءٍ عن أبيه عنه، كما سلف في أحاديث الأنبياء.
          (ص) (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {الْجُودِيِّ} جَبَلٌ بِالجَزِيرَةِ) هذا أسندَه أبو مُحمَّدٍ مِنْ حديث ابن أبي نَجيْحٍ عنه كما سلف: تَشَامخَتِ الجبالُ وتطاولت وتواضعَ هو للهِ فلم يغرق، فأرستْ عليه السَّفينةُ، وقيل: إنَّ جبل الجُوديِّ بالموصل، وقيل: بآمِدَ وهما مِنَ الجزيرة، وقال ياقوتٌ: إنَّه جبلٌ مُطِلٌّ على جزيرة ابن عمرَ على دِجلة فوق المَوصل، بالقرب مِنْ قرية ثمانين، قال بعضهم: أكرم الله ثلاث جبالٍ بثلاثة أنبياءٍ: حِراءً بنبيِّنا، والجوديَّ بنوحٍ، والطُّورَ بموسى صلَّى الله عليهم وسلَّم.
          وقال عمرُ فيما ذكره ابن مَرْدَويهِ: لمَّا استوت السَّفينة على الجوديِّ لَبِثَ نوحٌ ما شاء اللهُ ثُمَّ أُذِنَ له فهبط على الجبل، فدعا الغراب فقال: ائتني بخبر الأرض، فانحدر الغرابُ على الأرض وفيها الغرقى مِنْ قوم نوحٍ، فجعل يأكل فأبطأ على نوحٍ فلعنَه، ودعا الحمامة فأمرَها فلم تلبث إلَّا قليلًا حتَّى جاءته تنفض وريشةٌ في منقارها، فقالت: اهبط فقد أبينت الأرض، فبارك نوحٌ فيها وفي بيتٍ يؤويها وأن تحبَّب إلى النَّاس، وقال: ولولا أن يغلبَكِ النَّاس على نفسك لدعوت الله أن يجعل رأسَك مِنْ ذهبٍ.
          وذكر الثَّعلبيُّ أنَّ طولَ السَّفينة ألف ذراعٍ ومئتا ذراعٍ وعرضُها ستُّ مئة ذراعٍ، وكانت ثلاثَ طبقاتٍ، طبقة فيها الدَّوابُّ والوحش، وطبقة فيها الإنس، وطبقةٌ فيها الطَّير وكانت مِنَ السَّاج، وفي روايةٍ: طولها ثمانون ذراعًا وعرضها خمسون ذراعًا، وبابها في عرضها، وارتفاعها في السَّماء ثلاثون ذراعًا.
          (ص) (وَقَالَ الحَسَنُ: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ} يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ) هذا أسندَه أبو مُحمَّدٍ الحنظليُّ مِنْ حديث أبي المَلِيْح عنه.
          (ص) (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَقْلِعِي} أَمْسِكِي، {عَصَيْبٌ} شَدِيدٌ، {لَا جَرَمَ} بَلَى، {فَارَ التَّنُّورُ} نَبَعَ المَاءُ) هذا رواه أيضًا مِنْ حديث عليِّ بن أبي طَلحة عنه، (قَالَ عِكْرِمَةُ: وَجْهُ الأَرْضِ) يُقال: أقلعت السَّماء بعدما أمطرت: إذا أمسكت، قال أبو عُبيدة: إنَّما قيل له: عصيبٌ لأنَّه يعصب النَّاس بالشرِّ، و{لَا جَرَمَ} لا بدَّ ولا محالة، وأصله مِنْ جَرَمَ، أي كَسَبَ.
          وقوله: ({فَارَ} نَبَعَ) أي ظهر على وجه الأرض، وقيل لنوحٍ: إذا رأيت الماء على وجه الأرض فاركب أنت وأصحابك في السَّفينة، وهو قول ابن عبَّاسٍ وعكرمة والزُّهْريِّ، وعن ابن عبَّاسٍ: يريد التَّنُّور الَّذي يُخبز فيه، قال الحسن: كان تنُّورًا مِنْ حجارةٍ.