التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام}

          ░24▒ قوله: ({يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ...}) الآية [البقرة:183]
          أي فُرض، ({لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَ}) أي المفطرات، وهو وصلةٌ إلى التَّقوى لأنَّه يكفُّ عن الشَّهوات المؤدِّيَّة إلى المعاصي.
          4501- ثُمَّ ذكر حديثَ ابن عمرَ ☻ قال: (كَانَ عَاشُورَاءُ يَصُومُهُ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ قَالَ: مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ) وأخرجه مسلمٌ والنَّسَائيُّ.
          4502- وحديثَ عائشة ♦: (كَانَ عَاشُورَاءُ يُصَامُ قَبْلَ رَمَضَانَ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ قَالَ: مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ).
          4504- وذكر بعدَه حديثًا آخر عنها، وقد سلفا في الصَّوم [خ¦1893].
          4503- وذكر حديثَ عبد الله قال: (دَخَلَ عَلَيْهِ الأَشْعَثُ وَهْوَ يَطْعَمُ فَقَالَ: اليَوْمُ عَاشُورَاءُ! فَقَالَ: كَانَ يُصَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تُرِكَ، فَادْنُ فَكُلْ).
          وقد ذكره في أيَّام الجاهليَّة [خ¦3831].
          ░25▒ قَوله: ({أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ...} / إلى {تَعْلَمُونَ} [البقرة:184].
          وَقَالَ عَطَاءٌ: يُفْطِرُ مِنَ المَرَضِ كُلِّهِ كَمَا قَالَ اللهُ، وَقَالَ الحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ: فِي المُرْضِعِ وَالحَامِلِ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدِهِمَا تُفْطِرَانِ ثُمَّ تَقْضِيَانِ، وَأَمَّا الشَّيْخُ الكَبيرُ إِذَا لَمْ يُطِقِ الصِّيَامَ فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا خُبْزًا وَلَحْمًا وَأَفْطَرَ، قِرَاءَةُ العَامَّةِ: {يُطِيقُونَهُ} وَهُوَ أَكْثَرُ).
          4505- ثُمَّ ساق حديثَ عَطَاءٍ: (عَنْ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فَلَا يُطِيْقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، هُوَ الشَّيْخُ الكَبِيرُ وَالمَرْأَةُ الكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا).
          الشَّرح: معنى {مَعْدُودَاتٍ} قضى مثلَها إذا أفطرَها، وفي التَّتابع خِلافٌ، ونقل ابنُ التِّيْنِ عن مالكٍ وأصحابه أنَّه يفرِّقها إن شاء، قال: وقيل إن أفطرها متتابعةً قضاها كذلك، وإن كانت متفرِّقةً قضاها كذلك، وهذِه الآية منسوخةٌ، بقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، وكذا بيَّنه سلمةُ كما ستعلمه، وأبعدَ مَنْ قال: إنَّ الهاء في {يُطِيقُونَهُ} تعود إلى الفِدية إذ لا ذكرَ لها، وقيل: معناها كمعنى (يُطوَّقُونَهُ) أنَّهم يتكلَّفون الصَّوم على مشقَّةٍ، وقد أوضحنا ذلك في بابه فراجعْه منه.