التوضيح لشرح الجامع البخاري

سورة {هل أتاك حديث الغاشية}

          ░░░88▒▒▒ (سُورَةُ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية:1]).
          هي مكِّيَّةٌ، وقال ابن عبَّاسٍ: إنَّ الغاشية مِنْ أسماء يوم القيامة، وعن سعيد بن جُبيرٍ هي غاشية النَّار، و{هَلْ} بمعنى قد في جميع القرآن، قاله مقاتلٌ.
          (ص) (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} [الغاشية:3] النَّصَارَى) حكاه الثَّعلبيُّ عنه مِنْ رواية أبي الضُّحى: هم الرُّهبان وأصحاب الصَّوامع، قال: وهو قول سعيد بن جُبيرٍ وزيد بن أسلم، نعم في «تفسيره» رواية ابن أبي زيادٍ الشَّاميِّ مَنْ قال: إنَّهم الرُّهبان فقد كذب، وفي رواية الضَّحَّاك عنه: عاملةٌ لغير اللَّه، ناصبةٌ في النَّار، ولا يفتر عنها العذاب طرفةَ عينٍ، وعند الطَّبَريِّ عنه: يعمل ويَنْصَبُ في النَّار.
          (ص) (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {عَيْنٍ آنِيَةٍ} [الغاشية:5] بَلَغَ إِنَاهَا وَحَانَ شُرْبُهَا، {حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن:44] بَلَغَ إِنَاهُ) أخرجه عبدٌ عن شَبَابة عن وَرقاءَ عن ابن أبي نَجِيحٍ عنه.
          (ص) (الضَّرِيعُ: نَبْتٌ يُقَالُ لَهُ: الشِّبْرِقُ، يُسَمِّيهِ أَهْلُ الحِجَازِ الضَّرِيعَ إِذَا يَبِسَ، وَهْوَ سُمٌّ) هو قول الفرَّاء، وفيه أقوالٌ أخر، قال عِكرمة: هي شجرةٌ ذات شوكٍ لاطيةٌ بالأرض، فإذا كان الرَّبيعُ سمَّتها قريشٌ الشَّبْرِقَ، فإذا هاج البردُ سمَّوها الضَّريع، وقيل: الحجارة، وقيل: السَّلى، وقال قَتَادة: هو العِشْرِق، وقيل: الزَّقُّوم، وقال أبو عُبيدة: هو عند العرب الشِّبْرِق مِنَ الشَّجر، وهو الخَلُّ والخَلَّة إذا كان رطبًا، وزعموا أنَّ بحر المغرب يقذف كلَّ سنةٍ ورقًا لا ينتفع به وهو الضَّريع، وقيل: وادٍ في جهنَّم، وقيل: مِنَ الضَّارع وهو الدَّليل.
          فإن قلت: قد قال تعالى: {وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ} [الحاقة:36]؟ قلتُ: هو مِنَ الضَّريع، أو المعنى: ولا طعام ينتفع به.
          (ص) ({لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً} [الغاشية:11] شَتْمًا) أخرجه ابنُ جريرٍ عن مجاهدٍ، وقال ابن عبَّاسٍ: أذًى ولا باطلًا، وقيل: حلف كاذب، و{تَسْمَعُ} بالتَّاء والياء قراءتان، وفي الأوَّل الفتح والضَّمُّ.
          (ص) ({بِمُسَيْطِرٍ} بِمُسَلَّطٍ، وَيُقرَأُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ) قلت: هما في السَّبعة، ويُقرَأُ بالإشمام أيضًا، ومسيطرٌ مأخوذٌ مِنَ السَّطر، لأنَّ معنى السَّطر ألَّا يتجاوز، وأسنده أبو عُبيدٍ عن أبي بكر بن عيَّاشٍ حدَّثَنا يحيى بن آدم: قلتُ لأبي بكرٍ: كيف قرأ عاصمٌ؟ قال: بالصَّاد، وفَسَّرَها أبو بكرٍ بمسلَّطٍ، وقال ابن عبَّاسٍ: بجبَّار، وقال ابن زيدٍ فيما ذكره ابن جريرٍ: مُكرِهُهم على الإيمان، ثُمَّ نُسخت بآية السَّيف، والذِّكرى باقيةٌ.
          (ص) (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِيَابَهُمْ} [الغاشية:25] مَرْجِعَهُمْ) ذكرَه في «تفسيره» مِنْ رواية إسماعيل بن أبي زيادٍ الشَّاميِّ، ورواه جُويْبرٌ عن الضَّحَّاك أيضًا عنه، وقُرِئَ شاذًّا بتشديد الياء، وخطَّأَه الفرَّاء.