التوضيح لشرح الجامع البخاري

سورة إبراهيم

          ░░░14▒▒▒ (وَمِنْ سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ ◙).
          هي مكِّيَّةٌ إلَّا آية: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْرًا} [إبراهيم:28]، وفي المراد بذلك أقوالٌ محلُّها التَّفسير، قال السَّخاويُّ: ونزلت بعد سورة نوحٍ، وقبل سورة الأنبياء.
          (ص) (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَادٍ} دَاعٍ) أسندَه ابنُ أبي حاتمٍ مِنْ حديث عليٍّ عنه.
          (ص) (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: صَدِيدٌ قَيْحٌ وَدَمٌ) أسندَه ابنُ المُنْذر مِنْ حديث ابن أبي نَجيحٍ عنه، وكذا ما ذكره عنه بعدُ في قوله: ({مِنْ كُلِّ مَا سَأَلتُمُوهُ} رَغِبْتُمْ إِلَيْهِ فِيْهِ).
          (ص) (وَقَالَ ابْنُ عُيَينَةَ: {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ} أَيَادِيَ اللهِ عِنْدَكُمْ وَأَيَّامَهُ) هو كذلك في «تفسيره».
          (ص) ({يَبْغُونَهَا عِوَجًا} يَلتَمِسُونَ لَهَا عِوَجًا) أي يلتمسون غير القصد، والعَوَجُ بالفتح: فيما كان مائلًا منتصبًا كالحائط والعود وكالجبل وشبهه، وبالكسر: في الأرض والدِّين وشبههما، قاله ابن السِّكِّيت وابن فارسٍ.
          وما ذكره عن مجاهدٍ في: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلتُمُوهُ} استحسنَه النَّحَّاس، فذهب إلى أنَّهم أُعطُوا ما لم يسألوه، قال: وذَلكَ معروفٌ في اللُّغة أنَّه يُقال: امضِ إلى فلانٍ، فإنَّه يعطيك كلَّ ما سألت، وإن كان يعطي غيرَ ما سأل، وقُرِئَ: {مِنْ كُلٍّ} بالتَّنوين، وفسَّره الضَّحَّاك وقَتَادة على النَّفي، وقال الحسن: مِنْ كلِّ الَّذي سألتموه، أي مِنْ كلِّ ما سألتم.
          (ص) ({وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ} أَعلَمَكُمْ) معنى تأذَّن: آذَنَ، مثل تَوَعَّدَ وأَوْعَدَ، قال الفرَّاء: تأذَّن وآذَنَ بمعنًى.
          (ص) ({فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} [إبراهيم:9] هذا مَثَلٌ كَفُّوا عَمَّا أُمِرُوا بِهِ) قلتُ: وقيل: عضُّوا على أيديهم غيظًا، يوضِّحه قوله تعالى: {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} [آل عمران:119].
          (ص) ({مَقَامِي} حَيْثُ يُقِيمُهُ اللهُ بَيْنَ يَدَيْهِ) هو قول ابن عبَّاسٍ وغيره، وهو مِنْ باب إضافة / المصدر إلى المفعول، كما تقول: ندمتُ على ضَرْبِك.
          (ص) ({مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} قُدَّامَهُ) قاله أبو عُبيدة وغيره، وهو مِنَ الأضداد، واستشكله ابنُ عَرفة، وإنَّما يحصل ذلك في الأماكن والأوقات، وقال الأَزْهَريُّ: معناه ما توارى عنه واستتر.
          (ص) ({لَكُمْ تَبَعًا} وَاحِدُهُم تَابِعٌ مِثْلُ غَيَبٍ وَغَائِبٍ) قلت: أي قال الضُّعفاء وهم الأتباع {لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} [إبراهيم:21] لأكابرِهم الَّذين استكبروا عن العبادة ذلك.
          (ص) ({بِمُصْرِخِكُمْ} اسْتَصْرَخَنِي: اسْتَغَاثَنِي يَستَصْرِخُهُ مِنَ الصُّرَاخِ) وهو الإغاثة، قال الحسن: إذا كان يوم القيامة قام إبليسُ خطيبًا على منبرٍ مِنْ نارٍ، فقال: {اللهُ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ} الآية[إبراهيم:22]، والقراءة الصَّحيحة فتح الياء في {مُصْرِخِيَّ} وهو الأصل، وقرأ حمزة بكسر الياء، قال الزَّجَّاج: هي عند جميع النَّحويين ضعيفةٌ، ولا وجه لها إلَّا وجهٌ ضعيفٌ، وهو ما أجازه الفرَّاء مِنَ الكسر على أصل التقاء السَّاكنين.
          (ص) ({وَلَا خِلَالَ} مَصْدَرٌ مِنْ خَالَلْتُهُ خِلَالًا، وَيَكُونُ أَيْضًا جَمْعُ خُلَّةٍ وَخِلَالٍ) قلتُ: كظُلِّةٍ وظِلالٍ، قال ابنُ التِّيْنِ: كذا قال، والَّذي ذكره الجماعة: أنَّه مصدر خالَلَتُه كما ذكره أوَّلًا.
          (ص) ({اجْتُثَّتْ} اسْتُؤْصِلَتْ) أي قُطعت جثَّتُها بكمالها.