التوضيح لشرح الجامع البخاري

سورة الكهف

          ░░░18▒▒▒ (وَمِنْ سُورَةِ الكَهْفِ).
          هي مكِّيَّةٌ إلَّا قوله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ} [الكهف:28] فإنَّها مدنيَّةٌ، وقال مقاتلٌ: إلَّا ثلاث آياتٍ، قال السَّخاويُّ: ونزلت بعد الغاشية وقبل النَّحل، وفي أفراد مسلمٍ مِنْ حديث أبي الدَّرْداء مرفوعًا: ((مَنْ حفظ عشر آياتٍ مِنْ سورة الكهف عُصِم مِنَ الدَّجَّال))، وفي لفظٍ: ((مِنْ آخر الكهف))، وغريبٌ مِنَ الحاكم استدراكه عليه وهو فيه، وفي التِّرمِذيِّ مصحَّحًا: ((مَنْ قرأ ثلاثَ آياتٍ مِنْ أوَّل الكهف عُصِم مِنْ فتنة الدَّجَّال))، نَعَمْ صحَّح الحاكم إسنادَ حديث أبي سعيدٍ مرفوعًا: ((مَنْ قرأ سورةَ الكهف في يوم الجمعة أضاءَ له مِنَ النُّور ما بين الجمعتين)).
          (ص) (قَالَ مُجَاهِدٌ: {تَقْرِضُهُمْ} تَتَرُكُهُمْ) هذا أسندَه ابن أبي حاتمٍ مِنْ حديث ابن أبي نَجيحٍ عنه كما سلف في أحاديث الأنبياء [خ¦3464].
          (ص) ({وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ} ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ) هو مِنْ تتمَّة قول مجاهدٍ، وقد أخرجه ابن عُيَينةَ في «تفسيره» عن ابن جُرَيْجٍ عنه، يريدُ بضمِّ الثَّاء والميم، قال: وكلُّ ما في القرآن مِنْ ثمرٍ فهو المال، وقيل: الثَّمرُ الشَّجر، وقال أبو عِمران الجَوْنيُّ: الثَّمرُ أنواعُ المال.
          (ص) (وَقَالَ غَيْرُهُ: جَمَاعَةُ الثَّمَرِ) هو قول ابن عبَّاسٍ، كما أخرجه ابن المُنْذر مِنْ حديث قَتَادة عنه، ومراده أنَّه جمع ثمرة على ثمارٍ، ثُمَّ جمع ثمار على ثمرٍ.
          (ص) ({بَاخِعٌ} مُهْلِكٌ {أَسَفًا} نَدَمًا، الكَهْفُ: الفَتْحُ فِي الجَبَلِ، وَالرَّقِيمُ: الكِتَابُ، مَكْتُوبٌ مِنَ الرَّقْمِ، {أَمَدًا} غَايَةً، طَالَ عَلَيْهِمْ، ورَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَلهَمْنَاهُمْ صَبْرًا {لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا}، {شَطَطًا} إِفْرَاطًا، {مِرْفَقًا} كُلُّ شَيْءٍ ارْتَفَقْتَ بِهِ، {تَزَاوَرُ} تَمِيْلُ مِنَ الزَّوْرِ، وَالْأَزْوَرُ: الْأَمْيَلُ، {فَجْوَةٍ} مُتَّسَعٍ) والجمع فَجَواتٌ وفِجاءٌ، كقولك رَكوةٌ ورِكاءٌ. (الْوَصِيِدُ الفِنَاءُ، جَمْعُهُ: وَصَائِدُ وَوصُدٌ، وَيُقَالُ: الوَصِيدُ البَابُ، {مُوَصَدَةٌ} مُطْبَقَةٌ، آصَدَ البَابَ وَأَوْصَدَه، {بَعَثْنَاهُمْ} أَحْيَيْنَاهُمْ، {أَزْكَى} أَحَلُّ، وَيُقَالُ: أَكْثَرُ رَيْعًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ} لَمْ تَنْقُصْ، وَقَالَ سَعِيدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الرَّقِيمُ اللَّوْحُ مِنْ رَصَاصٍ، كَتَبَ عَامِلُهُمْ أَسْمَاءَهُمْ ثُمَّ طَرَحَهُ فِي خَزَانَتِهِ، فَضَرَبَ اللهُ عَلَى آذَانِهِمْ فَنَامُوا، {مَوْبِقًا} مَهْلِكًا، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَأَلَ يَئِلُ: نَجَا يَنْجُو، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَوْئِلًا} مَحْرِزًا، {لَا يَسْتَطِيْعُوْنَ سَمْعًا} لا يَعْقِلُونَ).
          الشَّرح: هذِه الألفاظ سلف أكثرُها في باب: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} في أواخر: أحاديث الأنبياء [خ¦3464]، وقول ابن عبَّاسٍ: ({وَلَمْ تَظْلِمْ} لَمْ تَنْقُصْ) أخرجه ابن أبي حاتمٍ مِنْ حديث عَطاءٍ عنه، وأثر سعيدٍ عنه في الرَّقيم أخرجه ابن المُنْذر بلفظ: إنَّ الفتية طلبوا فلم يجدوهم، فرفع ذلك إلى الملك، فقال: ليكوننَّ لهؤلاء شأنٌ، فدعا بلوحٍ مِنْ رصاصٍ فكتب أسماءَهم فيه وطرحه في خزائنه، قال: فالرَّقيم هو اللَّوح الَّذي كَتبوا فيه.
          وروى ابن مَرْدويه مِنْ حديث قيسٍ عن سِمَاكٍ عن عِكرمة قال: ما في القرآن شيءٌ إلَّا وأنا أعلمه إلَّا أربعة أحرفٍ: {الرَّقِيْمِ} فإنِّي لا أدري ما هو، وسألت عنه كعبًا فقال: هو القرية الَّتي خرجوا منها... الحديث. وعند السُّهَيْليِّ: {الرَّقِيْمِ} اسمُ كلبهم، وقيل اسمُ علمٍ للوادي.
          وقولُ مجاهدٍ: ({مَوْئِلًا} مَحْرِزًا) أخرجه سفيانُ عن ابن جُرَيْجٍ عنه.