التوضيح لشرح الجامع البخاري

سورة النور

          ░░░24▒▒▒ (وَمِنْ سُورَةِ النُّورِ)
          هي مدنيَّةٌ جزمًا، قال عمرُ بن الخطَّاب ☺: تعلَّموا سورةَ البقرة والنِّساء والمائدة والحجِّ والنُّور، فإنَّ فيهم الفرائض. أخرجَه الحاكم وقال: على شرط الشَّيخين، وعن عائشة ♦ مرفوعًا، وقال: صحيح الإسناد: ((لا تنزلوهنَّ _يعني النِّساءَ_ الغُرفَ ولا تعلِّموهنَّ الكتابةَ وعلِّموهنَّ الغَزْلَ وسورةَ النُّور)).
          (ص) ({مِنْ خِلَالِهِ} [النور:43] مِنْ بَيْنِ أَضْعَافِ السَّحَابِ) قلتُ: و(خِلَالِهِ) جمعٌ، جمعُ خَلَلٍ قاله الواحِديُّ، وقال ابنُ التِّينِ: خِلالٌ: جمعُ خَلَلٍ مثل: جَبَلٍ وجِبالٍ وهو مخرج القَطر، و{الْوَدْقَ} [النور:43] المطرُ.
          (ص) ({سَنَا بَرْقِهِ} [النور:43] الضِّيَاءُ) أي يقربُ ضوء برق السحاب من ذلك.
          (ص) ({مُذْعِنِينَ} [النور:49] يُقَالُ لِلْمُسْتَخْذِي) بالخاء المعجمة (مُذْعِنٌ)، قال الزَّجَّاج: الإذعانُ الإسراعُ مع الطَّاعة، فمعنى مسرعين: مذعنين، وهم قريشٌ، يُقَالُ: أذعنَ لي بحقِّي، أي طاوعَني لِما كنت ألتمسُ منه وصار يسرع إليه.
          (ص) (أَشْتَاتًا وَشَتَّى وَشَتَاتٌ وَشَتٌّ وَاحِدٌ) قلت: ومعناه التَّفرقة جمع شتٍّ.
          (ص) (وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عِيَاضٍ الثُّمَالِيُّ: المِشْكَاةُ الكُوَّةُ بِلِسَانِ الحَبَشَةِ) ذكرَه ابنُ أبي حاتمٍ وغيرُه، وهو سعدٌ مكبَّرٌ، تابعيٌّ مِنْ أصحاب ابنِ مَسْعودٍ، قال ابنُ عبد البرِّ: حديثُه مرسلٌ ولا تصحُّ له صحبةٌ، وذكرَه الحاكمُ في «مستدرَكِه» عن ابن عبَّاسٍ ثُمَّ قال: صحيحٌ على شرطهما، وقاله عمر أيضًا.
          وقَوْله: إِنَّهَا بِالحَبَشِيَّةِ، لعلَّه يريد أصلَها كما سلف مثلُه في طه، وهي بفتح الكاف وضمِّها، قال الواحديُّ: وهي عند الجميع غير نافذة، وقيل: المشكاة الَّتي يعلَّق بها القنديل، أو القائمة في وسط القنديل التي تدخل فيها الفتيلة، قال أبيُّ بن كعبٍ: المشكاة صدرُه، والمصباح: الإيمان والقرآن، والزُّجاجة: قلبه، والشَّجرة المباركة: الإخلاص.
          (ص) (وَقَالَ ابْنُ عبَّاسٍ: {أَنْزَلْنَاهَا} [النور:1] بَيَّنَّاهَا) أسندَه ابنُ المُنْذِر مِنْ حديث مجاهدٍ عنه.
          (ص) (وَقَالَ غَيْرُهُ سُمِّيَ القُرْآنُ لِجَمَاعَةِ السُّوَرِ، وَسمِّيَتِ السُّورَةُ لأَنَّهَا مَقْطُوعَةٌ مِنَ الأُخْرى) قلتُ: وقيل: لشرفِها وفضلِها، ويُقَالُ لكلِّ شيءٍ عمادٍ: سُورٌ، (فَلَمَّا قُرِنَ بَعْضُهَا إلى بَعْضٍ سُمِّيَ قُرْآنًا) أي لاجتماعه.
          وَقَوْله: ({إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة:17] تَأْلِيفَ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة:18] فَإِذَا جَمَعْنَاهُ وَأَلَّفْنَاهُ فَاتَّبعْ قُرْآنَهُ، أَيْ مَا جُمِعَ فِيهِ، فَاعْمَلْ بِمَا أَمَرَكَ وَانْتَهِ عَمَّا نَهَاكَ، ويُقَالُ: لَيْسَ لِشِعْرِهِ قُرْآنٌ، أي تَأْلِيفٌ، وَسُمِّيَ الفُرْقَانَ لأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الحَقِّ وَالْبَاطِلِ، ويُقَالُ لِلْمَرْأَةِ: مَا قَرَأَتْ بِسَلًا قَطُّ، أَيْ مَا جَمَعَتْ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا) قلتُ: فحاصلُه أنَّ هذه المادَّة مِنَ الجمع.
          (ص) (ويُقَالُ فِي {فَرَّضْنَاهَا} [النور:1]) أي بالتَّشديد (أَنْزَلْنَا فِيهَا فَرَائِضَ مُخْتَلِفَةً، وَمَنْ قَرَأَ {فَرَضْنَاهَا}) أي بالتَّخفيف (يَقُولُ: فَرَضْنَا عَلَيْكُمْ وَعَلَى مَنْ بَعْدَكُمْ) أي إلى يوم القيامة، قلتُ: وحجَّةُ التَّخفيف قَوْله: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} [القصص:85] أي أحكامَه وفرائضَه، وفي القراءة الأولى _وهي قراءة أبي عمرٍو_ حذفٌ، أي وفرَّضنا فرائضَها.
          (ص) (قَالَ مُجَاهِدٌ: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا} [النور:31] لَمْ يَدْرُوا لِمَا بِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ) أسندَه ابنُ أبي حاتمٍ مِنْ حديث ابن أبي نَجِيحٍ عنه، وقال غيرُه: لم يبلغوا الحُلُم، وقيل: لم يطيقوا ولم يَقْوَوا.