التوضيح لشرح الجامع البخاري

سورة الفتح

          ░░░48▒▒▒ (وَمِنْ سُورَةِ الفَتْحِ)
          هي مدنيَّةٌ، وقيل نزلت بين الحُدَيبيَة والمدينة مُنْصَرَفَه مِنَ الحُديبيَة، أو بِكُرَاع الغَمِيم، و(الْفَتْحِ) صلح الحُديبيَة، أو فتح مكَّة.
          (ص) (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} [الفتح:29] السَّحْنَةُ) أخرجه إسماعيل القاضي عن نصر بن عليِّ عن بشر بن عمرَ عن شعبةَ عن الحكم عنه، وفي النُّسخ الصَّحيحة قبل هذا: <وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {بُورًا} [الفتح:12] هَالِكِينَ {سِيمَاهُمْ}...> إلى آخره، والسَّحْناء بالمدِّ، كذلك السَّحَنة بالتَّحريك وقد تسكَّن: الهيئة.
          (ص) (وَقَالَ مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ: التَّوَاضُعُ) رواه ابن أبي حاتمٍ مِنْ طريق حُميد بن قيسٍ عنه بزيادة: الخشوع والتَّواضع، ومِنْ طريق منصورٍ عنه: الخشوع، قلتُ: ما كنت أُراه إلَّا هذا الأثر في الوجه، فقال: ربَّما كان بين عينَيْ مَنْ هو أقسى قلبًا مِنْ فرعون، ورواه أيضًا عبدٌ عن منصورٍ عنه: الخشوع، وعن عكرمة: هو أثر التُّراب، وعن الحسن: هو بياضٌ في وجوههم يومَ القيامة، وعن ابنِ جُبَيرٍ: بَلَلُ الوضوءِ وأثرُ الأرض، وقيل: نورٌ مِنْ كثرة الصَّلاة، وقيل: أثرُ السَّهر وصفرةُ الوجه، وقال مقاتلٌ: السَّمتُ الحسنُ والهَدْيُ.
          (ص) ({شَطْأَهُ} [الفتح:29] فِرَاخَهُ، {فَاسْتَغْلَظَ} غَلُظَ، {سُوقِهِ} السَّاقُ: حَامِلَةُ الشَّجَرَةِ) ما ذكرَه في أنَّ (شَطْأَهُ فِرَاخَهُ) هو كذلك، يُقَالُ: أشطأَ الزَّرعُ فهو مُشطئٌ إذا استفرخَ.
          وقوله: (غَلُظَ) في ({فَاسْتَغْلَظَ}) هو كذلك، أي غَلُظَ وقَوِيَ، و{سُوقِهِ} أصوله، كما ذكر، وقيل: في تفسير الآية مِنْ قوله: {مُحمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} إلى قوله: {وَرِضْوَانًا} [الفتح:29] في العشرة ♥.
          (ص) ({دَائِرَةُ السُّوْءِ} [الفتح:6]) أي العذاب والهلاك والدَّمار، وقُرِئَ بفتح السِّين أيضًا.
          (ص) ({وَتُعَزِّرُوهُ} [الفتح:9] تَنْصُرُوهُ) قال عِكرمة: يقاتلون معه بالسَّيف، وقُرِئَ بالزَّايين.
          (ص) ({شَطْأَهُ} شَطْءُ السُّنْبُلِ، تُنْبِتُ الحَبَّةُ عَشْرًا وثَمَانِيًا وَسَبْعًا، فَيَقْوَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَآزَرَهُ} قَوَّاهُ، وَلَوْ كَانَتْ وَاحِدةً لَمْ تَقُمْ عَلَى سَاقٍ، وَهُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلنَّبِيِّ صلعم إِذْ خَرَجَ وَحْدَهُ ثُمَّ قَوَّاهُ بِأَصْحَابِهِ، كَمَا قَوَّى الحَبَّةَ بِمَا يَنْبُتُ مِنْهَا) قد أسلف قبله الكلام على شطئه، وقُرِئَ: {شَطَأَهُ} بفتح الطَّاء، قال مالكٌ في قوله: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح:29] ليس لِمَنْ سبَّ الصَّحابةَ في الفيء نصيبٌ، أي لِمَنْ يبغضهم، وأمَّا ما شجر بينهم، فكلٌّ متأوِّلٌ.