التوضيح لشرح الجامع البخاري

الفرقان

          ░░░25▒▒▒ (وَمِنْ سُورَةِ الفُرْقَانِ)
          مكِّيَّةٌ، وقيل: إلَّا {مَنْ تَابَ وَآمَنَ} [الفرقان:70] وقيل: إلَّا {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان:68] وقال الضَّحَّاك: هي مدنيَّةٌ، وفيها آياتٌ مكِّيَّاتٌ، مِنْ أوَّلها إلى قَوْله: {وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} [الفرقان:3].
          (ص) (قَالَ ابْنُ عبَّاسٍ: {هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان:23] مَا تَسْفِي بِهِ الرِّيحُ) أسندَه ابنُ المُنْذِر مِنْ حديث عَطاءٍ عنه، بزيادة: وتبثُّه، وقال غيره: إنَّه شعاعُ الشَّمس الَّذِي يدخل مِنَ الكُوَّة، و{هَبَاءً} جمع هَباءةٍ، ويُقَالُ لِما تطاير مِنْ تحت سنابك الخيل: هباءٌ منبثٌّ. /
          (ص) ({مَدَّ الظِّلَّ} [الفرقان:45] مَا بَيْنَ طُلُوعِ الفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ) أي هو ظلٌّ لا شمس معه.
          (ص) ({سَاكِنًا} دَائِمًا عَلَيْهِ)، لا يزول ولا تنسخه الشَّمس، ومعنى ({سَاكِنًا}) مقيمًا، كما يُقَالُ: فلانٌ ساكنٌ بحيِّ كذا إذا أقام به.
          (ص) ({دَلِيلًا} طُلُوعُ الشَّمْسِ) هو قولُ ابنِ عبَّاسٍ: تدلُّ الشَّمس على الظِّلِّ، يعني: لولا الشَّمسُ ما عُرف الظِّلُّ، ولولا النُّور ما عُرفت الظُّلمة، فبضدِّها تتبيَّن الأشياء.
          (ص) ({خِلْفَةً} مَنْ فَاتَهُ باللَّيْلِ عَمَلٌ أَدْرَكَهُ بِالنَّهَارِ، أَوْ فَاتَهُ بِالنَّهَارِ أَدْرَكَهُ بِاللَّيْلِ) هو قول الحسن، وقال مجاهدٌ: يَخْلُفُ هذا هذا، وقيل: {خِلْفَةً} مختلفَين، كقوله تعالى: {وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [البقرة:164].
          (ص) (وَقَالَ الحَسَنُ {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا} فِي طَاعَةِ اللهِ، وَمَا شَيءٌ أَقَرَّ لِعَيْنِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَرى حَبِيبَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ) هذا أسندَه عنه ابنُ المُنْذِر مِنْ حديث جَريرٍ عنه، وقال: يرى والده أو ولده أو حَميمه.
          (ص) (وَقَالَ ابْنُ عبَّاسٍ: {ثُبُوَرًا} [الفرقان:13] وَيْلًا) أسندَه أيضًا مِنْ حديث عليٍّ عنه.
          (ص) (وَقَالَ غَيْره: السَّعِيرُ يُذَكَّر، وَالتَّسَعُّرُ وَالاضْطِرَامُ: التَّوَقُّدُ الشَّدِيدُ) قلتُ: فهي نارٌ تلظَّى، تراهم مِنْ مسيرة مئة عامٍ، قاله قَتَادة وغيره.
          (ص) ({تُمْلَى عَلَيْهِ} [الفرقان:5] تُقْرَأُ عَلَيْهِ، مِنْ أَمْلَيْتُ وَأَمْلَلْتُ) أي ليحفظَها لا ليكتبها لأنَّه لم يكن كاتبًا.
          (ص) (الرَّسُّ: المَعْدِنُ، جَمْعُهُ رِسَاسٌ) وقال مجاهدٌ: كانوا على بئرٍ لهم يُقَالُ له: الرَّسُّ، فنُسبوا إليها، وقيل: قَتلوا نبيَّهم ورَسُّوه في البئر، أي دسُّوه فيها، و(الرَّسُّ) لغةً: كلُّ بئرٍ غير مطويَّةٍ، وقال قَتَادة: أصحاب الأيكة وأصحاب الرَّسِّ: أُمَّتَان أُرسل إليهما شُعَيبٌ فعُذِّبوا بعذابين، وقال السُّدِّيُّ: هو بئرٌ بأنطاكيَة، قتلوا فيها حبيبَ النَّجار فنُسبوا إليها، وهو قولُ ابنِ عبَّاسٍ في رواية عِكرمة، قال: سألتُ كعبًا عن أصحاب الرَّسِّ فقال: هم الَّذِين قتلوا صاحبَ ياسين القائل لهم: {يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} [يس:20] ورسُّوه في بئرٍ لهم يُقَالُ له: الرَّسُّ، أي دسُّوه فيها كما سلف.
          (ص) ({غَرَامًا} [الفرقان:65] هَلاَكًا) أراد: دائمًا ملازمًا.
          (ص) ({مَا يَعْبَأُ بِكُم} [الفرقان:77] يُقَالُ: مَا عَبَأْتُ بهِ شَيْئًا، أي لم يُعْتَدَّ بِهِ) أي فوجودُه وعدمُه عندي سواءٌ، وهذا قول أَبي عُبيدة، وقال الزَّجَّاج: تأويلُه: أيُّ وزنٍ يكون لكم عندَه، قال مجاهدٌ: ما يفعلُ بكم، وأصلُ العِبءِ: الثِّقل.
          (ص) (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَعَتَوْا} طَغَوا) أخرجه ورقاءُ في «تفسيره» عن ابن أبي نَجِيحٍ عنه.
          (ص) (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنة: {عَاتِيَةٍ} [الحاقة:6] عَتَتْ عَلَى الخُزَّانِ) هذا موجودٌ في «تفسيره».
          (ص) ({لِزَامًا} [الفرقان:77] هَلَكَة) أي فلا يُعطَون التَّوبة، واللِّزامُ يومُ بدرٍ كما سيأتي، والمعنى: أنَّهم قُتلوا ببدرٍ، واتَّصلَ به عذاب الآخرة لازمًا لهم، فلحقَهم الوعيدُ الَّذِي ذكرَه الله ببدرٍ.