التوضيح لشرح الجامع البخاري

قوله تعالى: {فلا تجعلوا لله أندادًا وأنتم تعلمون}

          ░3▒ ({فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:22])
          4477- ذكر فيه حديثَ عبد الله: (سَأَلتُ النَّبِيَّ صلعم: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ، قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قال: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ).
          الشَّرح: هذا الحديث يأتي في سورة الفرقان [خ¦4761]، وأخرجه في الأدب [خ¦6001] والمُحاربين [خ¦6811] والدِّيات [خ¦6861] والتَّوحيد [خ¦7520]، وأخرجه مسلمٌ وأبو داود والنَّسَائيُّ وابن ماجَهْ.
          والنِّدُّ: ما كان مثل الشَّيء يُضادُّه في أموره، والنَّديد النِّدُّ، قاله الخليل، و(أَيٌّ) هنا مشدَّدٌ منوَّنٌ، قال ابن الجَوْزيِّ: كذا سمعته مِنْ أبي مُحمَّد بن الخشَّاب، قال: ولا يجوز إلَّا تنوينه لأنَّه اسمٌ معربٌ غير مضافٍ.
          و(تُزَانِيَ) تُفاعِلُ مِنَ الزِّنا، معناه أن يزني بها برضاها، والحَلِيْلَةُ بالحاء المهملة الزَّوجة لأنَّها تحلُّ له، أي تحلُّه أو لكونها تَحُلُّ معه، أو لأنَّ كلًّا منهما يَحُلُّ أزرة الآخر، وهي أيضًا عِرْسُه وقَعيدَته وبيته وغير ذلك.
          ولمَّا كان الشِّركُ أعظمَ الذُّنوب بدأ به لأنَّه جحدٌ للتَّوحيد، قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:13] ثُمَّ ثنَّاه بالقتل، وهو عند أصحابنا ثاني الشِّرك، ثُمَّ الزِّنا لأنَّه سببٌ لاختلاط الأنساب، لا سيَّما مع حليلة الجار لأنَّ الجارَ محلُّه الذَّبُّ عنه وعن حريمه، فإذا قابلَه بالزِّنا كان مِنْ أقبح الأشياء.
          وفيه ذمُّ البخل لأنَّه / أدَّاه إلى قتل ولده مخافةَ الأكل معه.