التوضيح لشرح الجامع البخاري

سورة {والشمس وضحاها}

          ░░░91▒▒▒ (سُورَةُ: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس:1]).
          هي مكِّيَّةٌ.
          (ص) (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {بِطَغْوَاهَا} [الشمس:11] بِمَعَاصِيهَا، {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} [الشمس:15] عُقْبَى أَحَدٍ) هذا أخرجه عبدُ بنُ حُميدٍ عن شَبَابة عن وَرقاءَ عن ابن أبي نَجِيحٍ عنه: لا يخاف عُقبى أحدٍ، وقال الحسن: لا يخاف ربًّا يبعثهم بما صنع بهم، قال ابنُ أبي داود في «المصاحف»: أهل المدينة يقرؤونها بالفاء.
          4942- ثُمَّ ساق البخاريُّ حديثَ وُهَيْبٍ: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَبْدُ اللَّه بْنُ زَمْعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلعم يَخْطُبُ فَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلعم: {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ، مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ، مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ، وَذَكَرَ النِّسَاءَ فَقَالَ: يَعْمدُ أَحَدُكُمْ فيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، ولَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ، ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ وَقَالَ: لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ؟! وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: حدَّثَنا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم: مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ فِي قَوْمِهِ عَمِّ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ).
          الشَّرح: هذا الحديث أخرجه أيضًا في أحاديث الأنبياء [خ¦3377] والأدب [خ¦6042] والنِّكاح [خ¦5204]، وأخرجه مسلمٌ والتِّرْمِذيُّ والنَّسَائيُّ وابنُ ماجه، والتَّعليق أخرجه أبو القاسم في «معجم الصَّحابة» عن سُرَيْجِ بن يونس حدَّثَنا أبو معاوية به، وأَبُو زَمْعَةَ اسمه الأسودُ بن المطَّلب بن أسد بن عبد العُزَّى بن قصيٍّ، جدُّ راوي الحديث عبد اللَّه بن زَمْعة بن الأسود، وأمُّه فُهَيْرة بنت أبي قيس _راكب البريد_ بنِ عبد مناف بن زُهرة، وقُتِلَ زَمْعة يوم بدرٍ كافرًا، وكان يُقَالُ للأسود وهو أحدُ المستهزئين: مسلمة بن مسلم بن مسلم لإصلاحهم بين المتفاسدين والمتهاجرين مِنْ قريشٍ، قال الزُّبير: إنَّ جبريل رمى في وجهه بورقةٍ فعَمِي، وكان مِنْ كبراء قريشٍ وأشرافِها، ولمَّا حدَّث عروةُ بحديث ابنِ زَمْعة وأبو عُبيدة بن عبد اللَّه بن زَمْعة بن أبي زَمْعة الأسود بن المطَّلب جالسٌ فكأنَّه وجد منها، فقال: يا ابنَ أخي، واللَّه ما حدَّثنيها إلَّا أبوك عبد اللَّه، يفخر بها.
          وقوله: (عَمِّ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ) إنَّما هو ابنُ عمِّ أبيه العوَّام بن خُوَيْلد بن أسدٍ، وأبو زَمْعة الأسود بن المطَّلب بن أسدٍ كما سلف، وهو _أعني زَمْعة_ أحدُ أزواد الرَّاكب، فكان يُقَالُ لجدِّهم أسدٍ: مسلمٌ كما سلف، وقُتل يزيدُ صبرًا يوم الحرَّة، وأخوه كَثيرٌ في القتال ابنا عبد اللَّه بن زَمْعة، وأخوهما أبو عُبيدة بن عبد اللَّه كان شريفًا جوادًا مِطعامًا مُمَدَّحًا كثير الضِّيفان، وبنته هندٌ ولدت موسى بن عبد اللَّه المحصر بن الحسن بن الحسن بن عليٍّ، وهي بنت ستِّين سنةً، وكانت شريفةً ذات قدرٍ، وعبد اللَّه بن وَهْب بن زَمْعة قتل يوم الدَّار، وأسلم أبوه يوم الفتح وله روايةٌ، وابنه يزيد بن عبد اللَّه بن وَهْبٍ قتل بإفريقية، وهَبَّار بن الأسود الَّذِي عرض لزينب بنت رسول اللَّه صلعم أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه، وادَّعى ابن العربِيِّ في «الصَّحابة» أنَّ أبا زَمْعة هذا اسمه عُبيدٌ البَلَويُّ، ويحتمل أن يكون المذكور هنا، قال القُرْطُبيُّ: يحتمل أن يكون البَلَويُّ المبايع تحت الشَّجرة، وتوفِّي بإفريقية في غزوة ابن حُدَيجٍ، ودفن بالبَلَويَّة بالقَيْرَوان، قال: فإن كان هو فإنَّه إنَّما شبَّهه بعاقر النَّاقة في أنَّه عزيزٌ في قومه، ومنيعٌ على مَنْ يريده مِنَ الكفَّار، قال: ويحتمل أن يريد غيره ممَّن يسمَّى بأبي زَمْعة مِنَ الكفَّار، / قلت: ومَنْ كان عمُّه عمَّ الزُّبير لا يتحرَّص فيه ببلوى ولا غيره، وعاقر النَّاقة هو قُدَار بن سالفٍ، وأمُّه قُدَيْرة، وهو أحمر ثمودَ الَّذِي يُضرب به المثل في الشُّؤم، قال ابن قتيبة: وكان أحمر أشقر أزرق سُناطًا قصيرًا، وذُكر أنَّه ولد زنًا، ولد على فراشِ سالفٍ، وقيل: شركه في قتلها مِصْدَعٌ.
          والعَارِمُ بالعين المهملة والرَّاء الجبَّار الصَّعب الشَّرُّ المفسد الخبيث، عَرَُِمَ _مثلَّث الرَّاء_ عَرامةً بفتح العين.