التوضيح لشرح الجامع البخاري

سورة الحجر

          ░░░15▒▒▒ (وَمِنْ سُورَةِ الْحِجْرِ).
          هي مكِّيَّةٌ، قال الكلبيُّ: إلَّا {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا} [الحجر:87] فمدنيَّةٌ، قال السَّخاويُّ: ونزلت بعد يوسف وقبل الأنعام.
          (ص) (قَالَ مُجَاهِدٌ: {صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} الحَقُّ يَرْجِعُ إِلَى اللهِ وَعَلَيْهِ طَرِيقُهُ) هذا أسنده ابنُ أبي حاتمٍ مِنْ حديث ابن أبي نَجيحٍ عنه، وقيل: أرادني وأمرني، وقرأ ورشٌ: {عَلِيٌّ مُسْتَقِيمٌ} أي رافعٌ في الدِّين والحقِّ.
          (ص) (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَعَمْرُكَ} لَعَيْشُكَ) هذا أسنده ابن أبي حاتمٍ أيضًا مِنْ حديث معاويةَ عن عليٍّ عنه، وفي حديث أبي الجوزاء عنه: ما خلق الله وما برأ وما ذرأ نفسًا هو أكرم عليه مِنْ مُحمَّدٍ، وما سمعت الله أقسم بحياة أحدٍ غيره. ولفظُ ابنِ مَرْدَويه: وحياتك وعُمرك وبقائك في الدُّنيا، وأسنده مِنْ حديث أبي هريرة ☺ قال: قال رَسُول الله صلعم ((ما حلفَ اللهُ بحياةِ أحدٍ إلَّا بحياة مُحمَّدٍ)) ثُمَّ قال: ((لعمرك يا مُحمَّد، وحياتِك يا مُحمَّد)).
          (ص) ({قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} أَنْكَرَهُمْ لُوطٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: {كِتَابٌ مَعْلُومٌ} أَجَلٌ) ظاهره أنَّ الأوَّل مِنْ قول ابن عبَّاسٍ وكلُّه ظاهرٌ.
          (ص) ({لَوْمَا تَأْتِينَا} هَلَّا تَأْتِينَا) قلتُ: وكذا لولا، قال ابن عبَّاسٍ: أفلا جئتنا بالملائكة حتَّى نصدِّقك.
          (ص) (شِيَعٌ: أُمَمٌ وَالأَوْلِيَاءُ شِيَعٌ أَيْضًا) قلتُ: سُمِّيت أمَّةً لمتابعة بعضهم بعضًا فيما يجتمعون عليه كما قاله الفرَّاء.
          (ص) (وَقَالَ ابْنُ عبَّاسٍ: {يُهْرَعُونَ} مُسْرِعِينِ) هذا في سورة هودٍ، وهو قول / عامَّة المفسِّرين.
          (ص) ({لِلْمُتَوَسِّمِينَ} للنَّاظِرينَ) يُقال: توسَّمت في فلانٍ خيرًا، رأيتُ أثره فيه، والمتوسِّمُ النَّاظرُ في السِّمة الدَّالَّة على الشَّيء، قال عَطاءٌ عن ابن عبَّاسٍ: للمتفرِّسين، وقيل: للنَّاظرين أو المتفكِّرين أو المعتبرين، وفي حديث أنسٍ مرفوعًا: ((إنَّ للهِ عبادًا يعرفونَ النَّاس بالتَّوسُّم)).
          (ص) ({سُكِّرَتْ} غُشِّيَتْ) هو قول أبي عُبيدة، قال أبو عمرٍو: هذا مأخوذٌ مِنَ السُّكر في الشَّراب، وقال ابن عبَّاسٍ: سُكِّرت أخذت، قال الحسن: سُجِّرت.
          (ص) ({بُرُوجًا} مَنَازِلَ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ) هو قول ابن عبَّاسٍ.
          (ص) ({لَوَاقِحَ} مَلاَقِحَ مُلقَحَةً) قلت: فحُذفت الميم وردَّ فيه إلى أصل الثُّلاثي كما يُقال: أنقل البيت فهو ناقل، يجعلونه بدلًا مِنْ مُنقل، قال ابن عبَّاسٍ والمفسِّرون: يعني للشجر والسَّحاب، قال ابن مسعودٍ: يبعث الله الرِّياح لتلقح السَّحاب فتحمل الماء تمجُّه في السَّحاب ثُمَّ تمر به فيدرُّ كما تدرُّ اللِّقحة.
          (ص) ({حَمَأٍ} جَمَاعَةُ حَمْأَةٍ وَهْوَ الطِّينُ المُتَغَيِّرُ، وَالمَسْنُونُ: المَصْبُوبُ) بين الحمأَ الطِّين الأسود المنتن، و(الْمَسْنُونُ) المتغيِّر الرَّائحة، يُقال: سنَّ الماء فهو مَسنونٌ، أي: تغيَّر، وقال سِيْبويه: المسنون المصبوب على صورةِ مثالٍ، مِنْ سُنَّة الوجه وهي صورته.
          (ص) ({تَوْجَل} تَخَفْ) هو كما قال: وَجِلَ يَوْجَلُ وَجَلًا، فهو وَجِلٌ.
          (ص) ({دَابِرَ} آخِرَ) مَنْ يبقى منهم.
          (ص) (الإِمَامُ كُلُّ مَا ائتَمَمْتَ بِهِ وَاهْتَدَيْتَ بِهِ) قلت: وسُمِّي الطَّريق إمامًا لأنَّه يُؤَمُّ ويُتَّبع، وقوله: {وَإنَّهُمَا} أي الأيكة ومدينة قوم لوطٍ {لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} بطريقٍ واضحٍ مستبينٍ {يَمُرُّونَ عَلَيْهَا} في أسفارهم.
          (ص) ({الصَّيْحَةُ} الهَلَكَةُ) قلتُ: أتتهم الصَّيحة فماتوا عن آخرهم في وقته.