التوضيح لشرح الجامع البخاري

طه

          ░░░20▒▒▒ (وَمِنْ سُورَةِ طه).
          هي مكِّيَّةٌ، وعن الكَلبيِّ في روايةٍ إلَّا {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ} [طه:130] وهي في وقت الصَّلاة.
          (ص) (قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: بِالنَّبَطِيَّةِ {طَهْ} يَا رَجُلُ) هذا أسندَه الحنظليُّ مِنْ حديث أبي بشرٍ عنه، قال: وكذا رُوي عن جماعاتٍ، فذكر منهم ابنَ عبَّاسٍ، وقال مقاتلٌ: هو بالسُّريانيَّة: يا رجل، قال غيره: هي لغة عَكٍّ، وفي كتاب أبي عُبيدة عن يونس إنكارُه على قائله، وقُرئ بكسر الطَّاء والهاء وبغير ذلك، وهو مِنْ أسمائه أيضًا.
          (ص) (يُقَالُ: كُلُّ مَا لَمْ يَنْطِقُ بِحَرْفٍ / أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأْةٌ، فَهْيَ عُقْدَةٌ) قلت: قال ابن عبَّاسٍ: يريد أطلقْ على لساني العقدةَ الَّتي فيه حتَّى يفهموا كلامي.
          (ص) ({أَزْرِيْ} ظَهْرِي) أي قوَّة ظهري وأعِنِّي به.
          (ص) ({فَيَسْحِتَكُمْ} يُهْلِكَكَمْ) أي ويستأصلكم، يُقال: سَحَتَهُ اللهُ وأَسْحَتَهُ، استأصَله وأهلَكَه، ويُقرأ بضمِّ الياء.
          (ص) ({بطَرِيْقَتِكُمُ المُثْلَى} تَأْنِيثُ الأَمْثَلِ) أي وهو الأفضل (يَقُولُ: بِدِينِكُمْ، يُقَالُ: خُذِ المُثْلَى خُذِ الأَمْثَلَ) يُقال: فلانٌ أمثل فرقته، أي أفضلُهم وهم الأَماثل.
          (ص) ({ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} يُقَالُ: هَل أَتَيْتَ الصَّفَّ اليَوْمَ؟ يَعْنِي المُصَلَّى الَّذي يُصَلَّى فِيهِ) أي العيد، وقال أبو عُبيدة: موضع المجمع، قال: ولا يُسمَّى المصلَّى الصَّفَّ.
          (ص) ({فَأَوْجَسَ} أَضْمَرَ خَوْفًا فَذَهَبَتِ الوَاوُ مِنْ {خِيفَةً} لِكَسْرَةِ الخَاءِ) قلت: لأنَّ سِحرهم كان مِنْ جنس ما أراهم مِنَ العصا، فخاف أن يلتبس على النَّاس أمرُه ولا يؤمنوا به.
          (ص) ({فِي جُذُوعِ} عَلَى جُذُوعِ) أي {فِي} بمعنى (على) كقوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} [الطور:38] أي عليه.
          (ص) ({خَطْبُكَ} بَالُكَ) أي ما شأنك الَّذي دعاك إلى ما صنعتَ.
          (ص) ({مِسَاسَ} مَصْدَرُ مَاسَّه مِسَاسًا) قلت: ومعنى المِسَاسَ: لا يمسُّ بعضٌ بعضًا.
          (ص) ({لَنَنْسِفَنَّهُ} لَنَذْرِيَنَّهُ) يُقال: ذَرَى يذرى ويَذْرِي ذَرْوًا وذرًّا أي يُصيِّرها رملًا يسيلُ سيلًا، ثُمَّ يصيِّرها كالصُّوف المنفوش تطيِّرها الرِّياح.
          (ص) ({يَبَسًا} يَابِسًا) هو قول مجاهدٍ، وذَلِكَ أنَّ الله أيبسَ لهم الطَّريق حتَّى لم يكن فيه ماءٌ ولا طينٌ.
          (ص) ({لَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا} حِسُّ الأَقْدَامِ) أي إلى المحشر، والهَمْسُ: الصَّوت الخفيُّ كصوت أخفاف الإبل في المشي، وعن ابن عبَّاسٍ وغيرِه: يعني تحريك الشِّفاه بغير منطقٍ، أي فلا يجهر أحدٌ بكلامٍ إلَّا كالسِّرِّ مِنَ الإشارة بالشَّفة وتحريك الفم مِنْ غير صوتٍ.
          (ص) (قَاعًا) يَعْلُوهُ المَاءُ، وَالصَّفْصَفُ المُسْتَوِي مِنَ الأَرْضِ، قال الفرَّاء: القاعُ ما انبسطَ مِنَ الأرض، ويكون فيه السَّراب نصفَ النَّهار، وجمعه قِيعةٌ، ومنه قوله: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} [النور:39] والصَّفصَفُ: الأملسُ الَّذي لا نباتَ فيه، ونحو هذا قال المفسِّرون، {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} قال ابن عبَّاسٍ: ليس فيها منخفضٌ ولا مرتفعٌ.
          (ص) (قَالَ مُجَاهِدٌ: {مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} الحُلِيُّ الَّذِي اسْتَعَارُوا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) وقد أسندَه أبو مُحمَّدٍ الرَّازيُّ مِنْ حديث ابن أبي نَجيحٍ عنه، وقد سلف ذلك في أحاديث الأنبياء أيضًا [خ¦60/22-5208]، وكذا قوله بعدَه: ({فَقَذَفْتُهَا} أَلْقَيْتُهَا، {أَلْقَى} صَنَعَ، {فَنَسِيَ} مُوسَى، هُمْ يَقُولُونَهُ أَخْطَأَ الرَّبُّ، لَا يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ قَوْلًا الْعِجْلُ)، وسلف أيضًا، وقيل: إنَّ الحُليَّ أخذه بنو إسرائيل مِنْ قوم فرعون لمَّا قذفهم البحر بعد غرقهم.
          (ص) ({حَشَرْتَنِي أَعْمَى} عَنْ حُجَّتِي {وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا} فِي الدُّنْيَا) أي عالمًا بحجَّتي فيها.
          (ص) (وَقَالَ ابْنُ عُيَينةَ {أَمْثَلُهُمْ} أَعْدَلُهُمْ) هو كذلك في «تفسيره»، وقيل: أعلمهم عند نفسه.
          (ص) (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَضْمًا} لا يُظْلَمُ فَيُهْضَمُ مِنْ حَسَنَاتِهِ) أسندَه ابن المُنْذر مِنْ حديث عليٍّ، عنه: لا يخاف ابنُ آدم يوم القيامة أن يَظْلِمَ فتُزاد سيِّئاته، ولا يُظلم فيُهضم مِنْ حسناته.
          (ص) ({عِوَجًا} وَادِيًا، و{أَمْتًا} رَابِيَةً) قد سلف هذا.
          (ص) ({سِيرَتَهَا} حَالتَهَا الأُولَى) أي يردُّها عصًا كما كانت، والسِّيرةُ: الهيئةُ والحالةُ، يُقال لِمَنْ كان على شيءٍ فتركه ثُمَّ عاد إليه: عاد إلى سيرته، قال الزَّجَّاج: المعنى سنعيدُها إلى سيرتها، فلمَّا حذف (إلى) وصل إليها الفعلَ فنصبها.
          (ص) ({النُّهَى} التُّقَى) أي الَّذين يتناهَون بعقولهم عن المعاصي، وخُصُّوا بالذِّكر لأنَّهم أهل التَّفكُّر والاعتبار، وقد سلف في أحاديث الأنبياء واضحًا [خ¦60/22-5208].
          (ص) ({ضَنْكًا} شَقَاءً) قلت: أي وشدَّةً وضيقًا، وكلُّ ما ضاق فهو ضَنْكٌ، وعن ابن عبَّاسٍ: عذاب القبر يلتئم على صاحبه، فلا يزال يعُذَّب حتَّى يُبعث، وعنه أنَّها ضغطة القبر حتى تختلف أضلاعه.
          (ص) ({هَوَى} شَقِيَ) أي وَهلك وسقط في النَّار، يُقال: هَوَى يَهْوِي هَوْيًا إذا وقع في مَهْواةٍ.
          (ص) ({الْمُقَدَّسِ} المُبَارَكِ {طُوًى} اسْمُ الوَادي) سلفا في أحاديث الأنبياء [خ¦60/22-5208].
          (ص) ({بِمِلْكِنَا} بِأَمْرِنَا) هذا على كسر الميم، وعليها أكثر القرَّاء، ومَنْ قرأ بالفتح فهو المصدر الحقيقيُّ، ومَنْ قرأ بالضَّمِّ فمعناه: بقدرتنا وسلطاننا، أي لم نقدر على ردِّهم، وقد سلف ذلك في أحاديث الأنبياء [خ¦60/22-5208].
          (ص) ({مَكَانًا سِوًى} مَنْصَفٌ بَيْنَهُمْ) أي مكانًا تستوي مسافته على الفريقين، وقُرئ: {سُوًى} بالضَّمِّ أيضًا.
          (ص) ({عَلَى قَدَرٍ} مَوْعِدٍ) أي وهو أربعون سنةً.
          (ص) ({لاَ تَنِيَا} تَضْعُفَا).