التوضيح لشرح الجامع البخاري

{ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام.}

          ░20▒ قوله: ({وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ...}) الآية [البقرة:150]
          4494- ذكر فيه حديثَ ابنِ عمرَ ☻.
          قال مجاهدٌ: هم مشركو العرب، وقولهم: راجعتَ قبلتَنا، وقد أُجيبوا عن هذا بقوله: {قُل لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ}، وقيل: المعنى: لئلَّا يقولوا لكم قد أُمرتم باستقبال الكعبة ولستم تَرَونها، فلمَّا قال: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} زال هذا، وقيل: هو متعلِّق بما قبلَه، وزعم أبو عُبيدة أن (إلَّا) هنا بمعنى الواو، وهو خطأٌ عند حُذَّاق النُّحاة، والقول بأنَّه استثناءٌ أَبْيَنُ، أي لكنَّ الَّذين ظلموا منهم، فإنَّهم يحتجُّون.
          قال الدَّاوُديُّ: أَمر النَّاسَ أن يستقبلوا المسجدَ الحرام، وصلَّى ◙ إلى الكعبة وهو داخل المسجد، فمَنْ في مكَّة خارجه يستقبل المسجد، ومَنْ كان خارجها فالحرم، وهو كلُّه مسجدٌ، وقال بعض النَّاس: إنَّ مَنْ بَعُدَ عن مكَّة يستقبل ما يحاذيها إلى جهة المشرق أو المغرب، وكأنَّه يرى أن لو خَطَّ مِنَ البيت خطًّا إلى جهة المشرق وخطًّا إلى جهة المغرب، ثُمَّ يستقبل كلُّ مَنْ وراء الخطِّ _مِنْ أيِّ الجهتين كان_ ذلك الخطَّ، وهو معنى قول مالكٍ، ورُوي نحوُه عن عمر، وإليه ذهب البُخاريُّ كما سلف في بابه، واحتجَّ بقوله ◙: ((لا يَستقبِلْ أَحدُكم القبلةَ بغائطٍ ولا بولٍ، ولا تستدبروها ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا))، وقال: فدلَّ أنَّ القبلة لا تكون إلى شرقٍ أو غربٍ، قال: فصلاة أهل الجهات الَّتي تقارب مكَّة مِنْ كلِّ جهة تدلُّ على خلاف هذا القول.