شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم

          ░158▒ باب: مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَذَكَرَ حَاجَةً فَتَخَطَّاهُمْ.
          فيه: عُقْبَة(1) قَالَ: (صَلَّيْتُ وَرَاءَ النبيِّ صلعم بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ، فقَامَ(2) مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إلى بَعْضِ حُجَرِ(3) نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ(4)، فَرَأى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ، فَقَالَ: ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ). [خ¦851]
          قال المؤلف(5): مباحٌ للإمام إذا سلم أن ينصرف _إن شاء_ قبل انصراف الناس.
          وفيه: أنَّ التخطي بما لا غنى بالإنسان عنه مباحٌ فعلُه. وقال المُهَلَّب: التخطي لا يكون مكروهًا إلا في موضع يشتغل(6) الناس فيه عن الصلاة أو عن الخطبة فحينئذ يُكرَه التخطي من أجل شغل الناس بمن تخطَّاهم(7) عما هم فيه من الذكر والاستماع(8)، وقد تحضر الإنسان(9) ضرورة حقن أو ذكر(10) حاجة يُخشى فوتها فيُستجاز التخطِّي في ذلك كالراعف والمحدِث يخرج من بين الصفوف.
          وفيه: أن من حبس صدقةً للمسلمين من وصية أو زكاة أو غيرها أنه يُخاف عليه(11) أن يُحبس بها يوم القيامة في الموقف، لقولِه صلعم: (كَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي)، يعني: في الآخرة، والله أعلم.
          وفيه: / أن من وجب عليه فرض، فإن الأفضل له مبادرتُه.


[1] في (ق): ((علقمة)).
[2] في (م) و(ق): ((ثم قام)).
[3] في (ق): ((إلى حجر بعض)).
[4] قوله: ((فخرج عليهم)) ليس في (م).
[5] قوله: ((قال المؤلف)) ليس في (م) و(ق).
[6] في (ق): ((يشغل)).
[7] في (م): ((اشتغال الناس يتخطاهم)).
[8] في (م): ((أو الاستماع)).
[9] في (ق): ((وقد عرض للإنسان)).
[10] قوله: ((ذكر)) ليس في (م) و(ق).
[11] قوله: ((عليه)) ليس في (ق).