شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب وضوء الصبيان

          ░161▒ باب وُضُوءِ الصِّبْيَانِ، وَمَتَى يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْغُسْلُ وَالطُّهُورُ؟ وَحُضُورِهِمُ الْجَمَاعَةَ وَالْعِيدَيْنِ وَالْجَنَائِزَ وَصُفُوفِهِمْ.
          فيه: ابْنُ عَبَّاسٍ: (أن النَّبِيِّ صلعم مرَّ على قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَأَمَّهُمْ، وَصَفُّوا عَلَيْهِ). [خ¦857]
          وفيه: أَبو سَعِيدٍ(1) قَالَ النبيُّ صلعم: (الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ(2) وَاجِبٌ على كُلِّ مُحْتَلِمٍ). [خ¦858]
          وفيه: ابْن عَبَّاسٍ: (بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَنَامَ النَّبِيُّ صلعم فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ، قَامَ رسول الله صلعم، فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ(3) وُضُوءًا خَفِيفًا، ثُمَّ قَامَ فصَلى(4)، فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا مِمَّا تَوَضَّأَ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ(5) عَنْ يَسَارِهِ، فَحَوَّلَنِي فَجَعَلَنِي(6) عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ صَلَّى مَا شَاءَ اللهُ)، الحديثَ(7). [خ¦859]
          وفيه: أَنَس: (أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللهِ صلعم لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ، فَقَالَ: قُومُوا فَلأصَلِّيَ لَكُمْ، فَقُمْتُ إلى حَصِيرٍ لَنَا، قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لبِسَ(8)، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلعم وَالْيَتِيمُ مَعِي وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى(9) رَكْعَتَيْنِ). [خ¦860]
          وفيه: ابْن عَبَّاسٍ قَالَ(10): (أَقْبَلْتُ رَاكِبًا على حِمَارٍ أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاحْتِلامَ، وَرَسُولُ اللهِ صلعم يُصَلِّي بِالنَّاسِ(11) بِمِنًى إلى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، فَنَزَلْتُ، وَأَرْسَلْتُ الأتَانَ تَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ). [خ¦861]
          وفيه: عَائِشَة(12): (أَعْتَمَ رَسُولُ اللهِ صلعم بالْعِشَاءِ، حَتَّى نَادَاهُ(13) عُمَرُ: قَدْ(14) نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلعم، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأرْضِ يُصَلِّي هَذِهِ الصَّلاةَ غَيْرُكُمْ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ يُصَلِّي غير(15) أَهْلِ الْمَدِينَةِ)(16). [خ¦862]
          وقَالَ رَجُل لابْن عَبَّاسٍ: شَهِدْتَ العيد مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم؟ قَالَ: نَعَم، وَلَوْلا مَكَانِي مِنَ الصِغَر مَا شَهِدْتُهُ(17). [خ¦863]
          قال المُهَلَّب: في هذا الباب وضوء الصبيان وصلاتهم، وشهودهم الجماعات في النوافل والفرائض، وتدريبهم عليها قبل وجوبها عليهم ليبلغوا إليها وقد اعتادوها وتمرَّنوا فيها، وأحاديث هذا الباب بَيِّنة في ذلك لأن ابن عباس(18) صلَّى مع النبيِّ صلعم على القبر(19) المنبوذ، وإذ بات عند خالتِه ميمونة وصلَّى خلف النبيِّ صلعم، وإقبالُه على الأتان، وحديث أنس واليتيم، كان ذلك كلُّه في حال الصغر، يدلُّ على ذلك قول ابن عباس: (وَلَوْلَا مَكَانِي مِنَ الصِّغَرِ مَا شَهِدْتُه) يريد بذلك(20) حين أتى النساء ووعظهنَّ وابن عباس معَه.
          وذكر البخاريُّ في فضائل القرآن أنه(21) توفي النبي صلعم وأنا ابن عشر سنين، وذكر ابن أبي شيبة عن الربيع حدَّثنا ابن مَعْبَد الجُهَنِي(22) عن أبيه عن جدِّه قال: قال رسول الله صلعم: ((إذا بلغ الغلام سبع سنين فأمروه بالصلاة، فإذا(23) بلغ عشرًا فاضربوه عليها)). ورواه شُعَيب(24) عن أبيه عن جدِّه عن النبيِّ صلعم وقال به(25) مكحول ومالك والأوزاعيُّ وأحمد وإسحاق وجماعة، وقد روى أشهب عن مالك في «العتبية» أنه يُضرب على الصلاة لسبع، وقال عروة: يُؤمر بالصلاة إذا عقلها، وقال ابن عمر: يعلم الصبي الصلاة إذا عرف يمينَه من شمالِه، وهو قول ابن سيرين.
          ولم يختلف العلماء(26) أن الاحتلام أول وقت لزوم الفرائض والحدود والأحكام، واختلفوا إذا أتى عليه من السنين ما يحتلم في مثلها ولم يحتلم على أقوال سيأتي ذكرها في موضعها من هذا الكتاب، إن شاء الله تعالى(27).


[1] في (ص): ((ابن مسعود)).
[2] قوله: ((يوم الجمعة)) ليس في (م) و(ق).
[3] قوله: ((من شن معلق)) ليس في (م) و(ق).
[4] في (ق): ((يصلي)).
[5] في (م): ((ثم قام يصلي، فتوضأت على نحو وضوئه ثم قمت)).
[6] قوله: ((فجعلني)) ليس في (م) و(ق).
[7] قوله: ((ثُمَّ صَلَّى مَا شَاءَ اللهُ، الحديثَ)) ليس في (م) و(ق).
[8] قوله: ((قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لَبِسَ)) ليس في (م) و(ق).
[9] زاد في (ق): ((بنا)).
[10] قوله: ((قال)) ليس في (م).
[11] قوله: ((بالناس)) ليس في (م) و(ق).
[12] زاد في (م) و(ق): ((قالت)).
[13] في (م) و(ق): ((بالعشاء فناداه)).
[14] قوله: ((قد)) ليس في (م) و(ق).
[15] في (ص): ((إلا)).
[16] قوله: ((فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأرْضِ يُصَلِّي هَذِهِ الصَّلاةَ غَيْرُكُمْ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ يُصَلِّي غير أَهْلِ الْمَدِينَةِ)) ليس في (م) و(ق). وبدله قوله: ((الحديث)).
[17] في (ق): ((شهدت))، زاد في (م) و(ق): ((الحديث)).
[18] زاد في (ق): ((إذا)).
[19] في (م) و(ق): ((قبر)).
[20] قوله: ((بذلك)) ليس في (م) و(ق).
[21] زاد في (م) و(ق): ((قال)).
[22] في (م) و(ق): ((الربيع بن سبرة الجهني)).
[23] في (ق): ((وإذا)).
[24] زاد في (م): ((ورواه عمرو بن شعيب))،و في (ق): ((رواه عمرو بن شعيب)) وفي (ص): ((ابن شعيب)).
[25] في (م): ((وبه قال)).
[26] في (م) و(ق): ((ولم تختلف الأمة)).
[27] في (م) و(ق): ((إن شاء الله في كتاب الشهادات)).