شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب فضل اللهم ربنا لك الحمد

          ░125▒ باب: فَضْلِ اللَّهُمَّ(1) رَبَّنَا ولَكَ الْحَمْدُ.
          فيه: أَبو هُرَيْرَةَ: (قَالَ رَسُولَ اللهِ صلعم: إِذَا قَالَ الإمَامُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا ولَكَ الْحَمْدُ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ). [خ¦796] / وقال أبو هُرَيْرَةَ: (لأقَرِّبَنَّ صَلاةَ رسولِ الله صلعم، فَكَانَ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ صَلاةِ الظُّهْرِ وَصَلاةِ الْعِشَاءِ وَصَلاةِ الصُّبْحِ بَعْدَ مَا يَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ، وَيَلْعَنُ الْكُفَّارَ). [خ¦797]
          وفيه: رِفَاعَة بْن رَافِعٍ قَالَ: (كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النبيِّ صلعم، فَلَمَّا(2) رَفَعَ رَأْسَهُ من الركوع، قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ(3) رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، حَمْدًا كثيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: مَنِ الْمُتَكَلِّمُ؟ قَالَ: أَنَا، قَالَ: رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ(4)). [خ¦798]
          قد(5) تقدَّم كلام العلماء(6) في حديث أبي هريرة في الباب قبلَه، فأغنى عن إعادتِه.
          وفيه: أنَّ القنوت كان في صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة الصبح، ثمِّ تُرك في الظهر والعشاء(7).
          وفي حديث رِفاعة: ثواب التحميد لله تعالى، والذكر له وما عند الله أوسع وأكثر(8)، قال الله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ}[السجدة:17].
          وفيه: دليلٌ على جواز رفع المذكِّر صوتَه بالتكبير والتحميد في المساجد الكثيرة الجمع ليُسمع الناس، وليس ذلك بكلام تفسد به الصلاة، وكيف يفسدها رفع الصوت أم(9) لم يُرفع، وهو مندوب إليه فيها، وكما لا يجوز لأحد أن يتكلم في الصلاة بكلام الناس، وإن لم يرفع(10) صوتَه، فكذلك لا يضرُّه رفع الصوت بالذكر؛ يدلّ على ذلك حديث معاوية بن الحكم عن النبي صلعم أنَّه قال: ((إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، وإنما هو التهليل والتكبير، وقراءة القرآن))، فأطلق أنواع الذكر في الصلاة، فلهذا قلنا: إنَّ المذكِّر(11) إذا رفع صوتَه بـ (رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ)، وسائر التكبير لا يضرُّه، وقد خالف ذلك(12) بعض المتأخرين بلا دليل ولا برهان، وقد تقدَّم ذكر ذلك في باب من أسمع الناس تكبير الإمام قبل هذا.


[1] قوله: ((اللَّهُمَّ)) ليس في (م).
[2] في (م): ((كلما)).
[3] في (ص): ((وقال)).
[4] في (ق): ((أولًا)).
[5] في (م): ((وقد)).
[6] في (م): ((تقدم ما للعلماء)).
[7] في (ق): ((في العشاء والظهر)).
[8] في (ق) و(ص): ((أكثر وأوسع)).
[9] في (م) و(ق): ((الصوت به أو لم)).
[10] زاد في (م): ((به))، و زاد في (ق): ((فيه)).
[11] في (م) و(ق): ((المؤذن)).
[12] قوله: ((ذلك)) ليس في (ق).