شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من لم ير رد السلام على الإمام واكتفى بتسليم الصلاة

          ░154▒ باب: مَنْ لَمْ يَرُدَّ السَّلامَ على الإمَامِ، وَاكْتَفى بِتَسْلِيمِ الصَّلاةِ.
          فيه: عِتْبَان بْن مَالِكٍ(1) أنه قَالَ: (صَلِّينا مع النَّبِيِّ ◙، ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ). [خ¦739] [خ¦840]
          هذا الحديث حجَّة لمن قال: يُسلِّم المأموم واحدة لأنَّ قول عتبان: (وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ)، يقتضي أقل ما يقع عليه اسم سلام(2)، وذلك تسليمة واحدة، وممن كان لا يرد على الإمام: روى جرير بن حازم عن نافع(3) عن ابن عمر أنه كان إذا سلم الإمام قال: السلام عليكم، لم يزد عليها إلا أن يُسلِّم أحد عن يمينِه وشمالِه يردُّ عليه، في مصنف حماد(4) بن سلمة. وقال ابن المنذر: قال عمار بن أبي عمار: كان مسجد المهاجرين يسلمون تسليمة واحدة، وكان مسجد الأنصار يسلمون تسليمتين، فالمهاجرون لم يكونوا يردون على الإمام.
          وفيها قول ثانٍ روى(5) النَّخَعِي قال(6): لا أعلم عليه بأسًا إن رد وإن لم يُرد، وممن كان يرى أن يُرد على الإمام: ذكر ابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه كان يرد السلام على الإمام وهو قول الشَّعبي وسالم(7) وسعيد بن المسيب وعطاء، وقال مالك في «المدونة»: يُسلم المأموم عن يمينِه، ثم يرد على الإمام فإن كان عن يسارِه أحد ردَّ عليه، وقد كان من قول مالك في المأموم(8): يُسلم عن يمينِه ثم عن يسارِه ثم يرد على الإمام، ومن قال بالرد على الإمام تأوَّل في ذلك أن الإمام يُسلم(9) عليهم، فلزمهم الرد عليه كسائر السلام.
          ومن قال بالتسليمتين من أهل الكوفة يجعلون التسليمة الثانية ردًّا على الإمام، وهو(10) عندهم سنَّة، والأولى هي الفريضة التي بها يخرج(11) من الصلاة. وأظنّ البخاريَّ ☼ أراد بهذا الباب ردَّ قول من أوجب التسليمة الثانية، ولا أعلم قال(12) ذلك إلا الحسن بن صالح، وحكى الأصيلي ُّ في «الدلائل» أنه قول أحمد بن حنبل.
          وقال ابن المنذر: أجمع كلُّ(13) من يُحفظ عنه العلم على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة، وقال مالك في «المجموعة»: كما يدخل في الصلاة بتكبيرة واحدة كذلك يخرج منها بتسليمة واحدة، وعلى ذلك كان الأمر في القديم، وإنما حدث تسليمتان مذْ كان بنو هاشم.


[1] قوله: ((بن مالك)) ليس في (م) و(ق).
[2] في (م): ((السلام)).
[3] قوله: ((عن نافع)) ليس في (م).
[4] في (م) و(ق): ((أو شماله فيرد عليه ذكره ابن حماد)).
[5] في (م) و(ق): ((روي عن)).
[6] في (ق): ((وقال)).
[7] قوله: ((وسالم)) ليس في (ق).
[8] في (م): ((الإمام)).
[9] في (م) و(ق): ((سلم)).
[10] في (م) و(ق): ((وهي)).
[11] في (م): ((يخرج بها)).
[12] في (م) و(ق): ((ولا أعلم أحدًا أوجب)).
[13] قوله: ((كل)) ليس في (م).