شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: يهوي بالتكبير حين يسجد

          ░128▒ باب: يَهْوِي بِالتَّكْبِيرِ / حِينَ يَسْجُدُ. وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَضَعُ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ.
          فيه: أَبَو هُرَيْرَةَ(1): (أنَّه(2) كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ صَلاةٍ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ وَغَيْرِهَا فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ(3)، فَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ يَقُولُ(4): رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ(5)، ثُمَّ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ، حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا)، الحديثَ(6). [خ¦803] [خ¦804]
          وفيه: حديث(7) أَنَسٌ: (أنَّ النبيَّ صلعم، ركب فَرَسًا، فَجُحِشَ شِقُّهُ، فَصَلَّى قَاعِدًا)، إلى قولِه: (وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا). [خ¦805]
          وقد(8) تقدَّم معنى هذا الباب: أنَّ(9) التكبير في الصلاة كلِّها مع الخفض والرفع، في باب إتمام التكبير في الركوع(10)، فلا معنى لإعادة القول فيه، ولا خلاف فيه بين الفقهاء إلا في تكبير القيام من ثنتين، وسيأتي ذلك في باب يكبر وهو ينهض بين السجدتين، إن شاء الله(11).
          واختلفوا في وضع اليدين قبل الركبتين في السجود، فذهب مالك والأوزاعيُّ إلى ما رُوي في ذلك عن ابن عمر، رواه أبو مصعب عن مالك في «المبسوط»، قال: وهو أحسن(12) في سكينة الصلاة ووقارها، والحجَّة لذلك ما رواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أنَّ النبيَّ صلعم قال: ((إذا سجد أحدكم فليضع يديه إلى(13) الأرض قبل ركبتيه ولا يبرك بروك البعير))، ذكرَه(14) إسماعيل بن إسحاق، وروى ابن عبد الحكم عن مالك(15) أنَّه يضع أيهما شاء قبل صاحبِه وذلك(16) واسع، ذكرَه ابن حبيب.
          وقالت طائفة: يضع ركبتيه قبل يديه رُوي ذلك عن عُمَر بن الخطاب، وهو قول الثوريِّ والكوفيين، وذكر ابن شعبان عن مالك مثلَه، وبه قال ابن وهب والشافعي وأحمد وإسحاق. وحجتهم(17) حديث وائل بن حجر: ((أنَّ النبيَّ صلعم، بدأ فوضع ركبتيه قبل يديه)).
          قال(18) الطحاوي: اتفقوا(19) أنَّه يضع رأسَه بعد يديه وركبتيه، ثمَّ يرفعُه قبلهما، ثمَّ(20) كانت اليدان متقدمتين في الرفع، فوجب أن تكون مؤخَّرتين في الوضع.(21)


[1] في (ص): ((ابن عمر)).
[2] قوله: ((أنه)) ليس في (م).
[3] قوله: ((وَغَيْرِهَا فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ)) ليس في (م) و(ق).
[4] قوله: ((ثم يقول)) ليس في (م) و(ق).
[5] قوله: ((قبل أن يسجد)) ليس في (م) و(ق).
[6] قوله: ((الحديث)) ليس في (م).
[7] قوله: ((حديث)) ليس في (ق).
[8] في (ق): ((قد)).
[9] في (م) و(ق): ((وأنَّ)).
[10] قوله: ((على أنَّ المصلي وحدَه يقولها مع قولِه: سمع الله لمن حمدَه، فلمَّا قالها المنفرد... في باب إتمام التكبير في الركوع)) أتى في (ق) بعد قوله الآتي ((وحجتهم حديث وائل بن حجر: ((أنَّ النبيَّ ◙، بدأ فوضع ركبتيه قبل يديه)).قال الطحاوي: اتفقوا)).
[11] قوله: ((ولا خلاف فيه بين الفقهاء إلا في تكبير القيام من ثنتين، وسيأتي ذلك في باب...إن شاء الله)) ليس في (م) و(ق).
[12] في (م) و(ق): ((وهذا حسن)).
[13] في (م): ((على)).
[14] في (م) و(ق): ((رواه)).
[15] قوله: ((عن مالك)) ليس في (م) و(ق).
[16] في (م) و(ق): ((ذلك)).
[17] في (م) و(ق): ((والكوفيين، والشافعي، وأحمد، وإسحاق وذكر ابن شعبان عن مالك مثلَه، وهو قول ابن وهب، وحجتهم)).
[18] في (ق): ((وقال)).
[19] في (م) و(ق): ((واتفقوا)).
[20] زاد في (ق): ((إن)).
[21] زاد في (م): ((قال سليمان: حديث وائل رويناه عن أبي داود السجستاني قال: حدثنا محمد بن معمر قال: حدثنا الحجاج بن المنهال، قال: حدثنا همام، قال: حدثنا محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه عن النبي صلعم أنه لما سجد وقعت ركبتاه إلى الأرض قبل كفيه وروينا أيضًا حديث أبي هريرة عن أبي بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن فضيل عن عبدالله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة عن النبي صلعم قال: إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ولا يبرك بروك الفحل. قال سليمان: وهذا الخبر يقتضي الذي أدخل صاحبنا أبو الحسن في كتابه هذا وأحسبه اتَّبع فيه ابن القصار فقد احتج به دون الذي ذكرنا من طريق ابن أبي شيبة عنه ويحتمل عندي أن مالكًا لما رأى الخبرين عن أبي هريرة عن النبي صلعم قد تعارضا لاختلاف الراويين عن أبي هريرة خير المصلي في ذلك من رواية ابن عبد الحكم عنه فيه، والذي روي عنه وضع الركبتين عندي أقوى لخبر وائل عن الرسول صلعم ونهيه أن لا يبرك المصلي بروك البعير والفحل إذ بدأ الفحل في ركبتيه فأراد منا أن نبادر أيدينا في السجود، والله أعلم)).