شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: لا يفترش ذراعيه في السجود

          ░141▒ باب: لا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُودِ.
          وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: سَجَدَ النَّبِيُّ صلعم، وَوَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلا قَابِضِهِمَا.
          فيه: أَنَس: (قَالَ النبيُّ صلعم: اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ، وَلا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ). [خ¦822]
          قال الطبريُّ: فيه أنَّ الحقَّ على المصلي أن يجافي عن جنبيه ويُعلي صدرَه عن الأرض، ولا يفترش ذراعيه، وذلك أنَّه إذا افترشهما لم يبدُ وضْحُ إبطيه كما كان يبدو من رسول الله صلعم على نحو ما تقدَّم قبل هذا.
          فإن قال قائل: فما أنت قائل فيما حدَّثكم به ابن سنان، عن أبي عاصم(1)، عن ابن جُريج، عن نافع، قال: كان ابن عمر يصلي فيضم يديه إلى جنبيه؟.
          قيل له: جائز لمْ(2) يفعل ذلك ابن عمر إلَّا(3) عند ازدحام الناس وتضايق المكان حتَّى لا يقدر على التجافي فيه، لأنَّ المعروف عنه ما حدَّثنا أبو كريب حدَّثنا عُمَر بن عبيد الطيالسي(4) عن آدم بن عليٍّ قال: صلَّيت إلى جنب ابن عمر، فافترشت ذراعي فقال لي: (لا تفترش افتراش السبع، وادعم على راحتيك، وأبدِ ضبعيك، فإذا فعلت ذلك سجد كلُّ عضو منك)، فإذا كان ابن عمر قد رُوي عنه الوجهان، فالحق أن يوجه كلُّ واحد منهما إلى أولى الأمور بها، وأشبهها بالسنَّة، وقد تقدَّم في باب: يبدي ضبعيه ويجافي في السجود، إلَّا(5) أنَّه لا إعادة عند جميع العلماء على من ترك ذلك لاختلاف(6) السلف فيه(7).


[1] في (م) و(ق): ((فيما حدثكم ابن يسار [في (ق): ((بشار)).] حدثنا أبو عاصم)) في (ص): ((ابن عاصم))، ولكن الظاهر أنه: ابن سنان عن أبي عاصم، فالراوي عن ابن جريج هو: الضحاك بن مخلد أبو عاصم، وعنه أحمد بن سنان، والله أعلم.
[2] في (م) و(ق): ((أن)).
[3] قوله: ((إلا)) ليس في (م) و(ق).
[4] في (م) و(ق) و(ص): ((الطنافسي)) وهو الصحيح.
[5] قوله: ((إلا)) ليس في (م) و(ق).
[6] في (م) و(ق): ((واختلاف)).
[7] في (ص): ((لاختلاف السنة)).