شرح الجامع الصحيح لابن بطال

بابٌ: هل يصلي الإمام بمن حضر؟

          ░41▒ باب: هَلْ يُصَلِّي الإمَامُ بِمَنْ حَضَرَ، وَهَلْ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَطَرِ.
          فيه: ابْنُ عَبَّاسٍ: (أنَّه(1) خَطَبَ فِي يَوْمٍ ذِي رَزغٍ(2)، فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ لَمَّا بَلَغَ حَيَّ على الصَّلاةِ، قَالَ: قُلِ: الصَّلاةُ فِي الرِّحَالِ، فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ، كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا، فَقَالَ: كَأَنَّكُمْ أَنْكَرْتُمْ هَذَا، إِنَّ هَذَا(3) فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، يَعْنِي رسول الله صلعم، إِنَّهَا عَزْمَةٌ(4)، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ(5)). [خ¦668]
          وفيه أَبَو سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ(6) قَالَ: (جَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ، حَتَّى سَالَ السَّقْفُ _وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ_ فَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَسْجُدُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ)(7). [خ¦669]
          وفيه أَنَس: (قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: إِنِّي لا أَسْتَطِيعُ الصَّلاةَ(8) مَعَكَ، وَكَانَ رَجُلًا(9) ضَخْمًا، فَصَنَعَ لِلنَّبِيِّ صلعم طَعَامًا، فَدَعَاهُ(10) إلى مَنْزِلِهِ، فَبَسَطَ لَهُ حَصِيرًا، وَنَضَحَ طَرَفَ الْحَصِيرِ(11)، فَصَلَّى عَلَيْهِ(12) رَكْعَتَيْنِ) الحديثَ. [خ¦670]
          فيه من الفقه: أنَّ الجماعات تُقام بمن حضرها في المساجد وفي البيوت. وفيه: أنَّ المساجد لا تُعطَّل في المطر والطين ولا غيرِه. وفيه: أنَّ الجمعة(13) ليس لها عدد من الناس لا تجوز الصلاة دونهم. وأجمعوا أنَّه لا يخطب يوم الجمعة على واحدٍ، ولا يصلي معَه جمعة. واختلفوا في الاثنين، فقال الليث: يخطب الإمام باثنين، وقالَه أبو حنيفة. وقال بعض أصحابِه: لا يخطب إلَّا مع ثلاثة سوى الإمام.
          وفيه: / أنَّ الجمعة يُتخلَّف عنها في المطر، كما يُتخلَّف عن سائر الصلوات، وسيأتي ذلك في كتاب الجمعة، إن شاء الله تعالى. والدَّوْسُ: الدرس، داست الخيل القتلى(14): وطئتهم، ودياس البقر منه(15)، من كتاب «العين»، وقد تقدَّم تفسير الرزغ(16) في باب الكلام في الأذان.


[1] قوله: ((أنه)) ليس في (ق).
[2] في (م) و(ق): ((ردغ)).
[3] قوله: ((أَنَّكُمْ أَنْكَرْتُمْ هَذَا، إِنَّ هَذَا)) ليس في (م).
[4] قوله: ((إنها عزمة)) ليس في (م).
[5] زاد في (م) و(ق): ((تدوسون الطين إلى ركبكم)).
[6] قوله: ((الخدري)) ليس في (م) و(ق).
[7] قوله: ((حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ)) ليس في (م) و(ق) وكتب بدلها: ((الحديث)).
[8] في (ص): ((صلاة)).
[9] قوله: ((رجلًا)) ليس في (م).
[10] في (م) و(ق): ((ودعاه)).
[11] قوله: ((فَبَسَطَ لَهُ حَصِيرًا، وَنَضَحَ طَرَفَ الْحَصِيرِ)) ليس في (م) و(ق).
[12] قوله: ((عليه)) ليس في (م).
[13] في (ص): ((الجماعة)).
[14] زاد في (م): ((إذا)).
[15] قوله: ((منه)) ليس في (م), في (ص): ((مثله)).
[16] في (م): ((الردغ)).