شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب إذا زار الإمام قومًا فأمهم

          ░50▒ باب: إِذَا زَارَ الإمَامُ قَوْمًا فَأَمَّهُمْ.
          فيه: عِتْبَان بْن مَالِكٍ قَالَ: (اسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ صلعم، فَأَذِنْتُ لَهُ، فَقَالَ: أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟، فَأَشَرْتُ لَهُ(1) إلى الْمَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ، فَقَامَ، وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، ثُمَّ سَلَّمَ فَسَلَّمْنَا(2)). [خ¦686]
          هذا الباب ردٌّ لما(3) رُوي عن النبيِّ صلعم أنَّه قال: ((من زار قومًا فلا يؤمَّهم))، رواه وكيع عن أَبَان العطار، عن بديل بن ميسرة، عن أبي عطيَّة، عن رجلٍ منهم قال: كان مالك بن الحويرث يأتينا في مصلَّانا هذا، فحضرتِ الصلاة، فقلنا له: تقدَّم، فقال: لا، ليقدم(4) بعضكم، حتَّى أحدِّثكم(5) لم لا أتقدَّم، سمعت رسول الله صلعم يقول: ((من زار قومًا فلا يؤمَّهم، وليؤمَّهم رجلٌ منهم))، وهذا إسنادٌ ليس بقائم لأنَّ أبا عطيَّة(6) مجهول يرويه عن مجهول، وصلاتُه صلعم في بيت عِتبان(7) مخالف له، ويمكن الجمع بين الحديثين، وذلك أنَّه يُحمل قولُه صلعم: ((من زار قومًا فلا يؤمَّهم)) لو صحَّ أن يكون إعلامًا منه أنَّ صاحب الدار أولى بالإمامة فيه من الداخلين عليه، إلَّا أن يشاء صاحب الدار أن يقدِّم غيرَه ممَّن هو أفضل منه، فإنَّه يُستحب له ذلك، بدليل تقديم عتبان بن مالك في بيتِه للنبيِّ صلعم، وحمل الحديثين على فائدتين أولى من تضادِّهما. وقد روى ابن القاسم عن مالك أنَّه: يُستحب لصاحب المنزل إذا حضر فيه من هو أفضل منه أن يقدِّمه للصلاة، ولا خلاف بين العلماء في(8) أنَّ صاحب الدار أولى بالإمامة منه(9)، وقد رُوي عن أبي موسى الأشعريِّ، أنَّه أمَّ ابنَ مسعود وحذيفة في دارِه، وفعلَه ابن عمر بمولًى، فصلَّى خلف الموالي(10). وقال عطاء: صاحب الدار(11) يؤمُّ من جاءَه، وهو قول مالك والشافعيِّ، ولم أجد فيه خلافًا.


[1] قوله: ((له)) ليس في (ق).
[2] في(م) و(ق): ((وسلمنا)).
[3] في (ص): ((لمن)).
[4] في(م) و(ق) و(ص): ((ليتقدم)).
[5] في(م) و(ق): ((أخبركم)).
[6] زاد في(م) و(ق): ((رجل)).
[7] زاد في(م) و(ق): ((بن مالك)).
[8] قوله: ((في)) ليس في (م).
[9] في(ق): ((فيه)).
[10] في(م) و(ق): ((المولى)).
[11] في(م): ((الريع))، و في (ق): ((الربع)).