شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الرخصة في المطر والعلة أن يصلى في رحله

          ░40▒ باب: الرُّخْصَةِ فِي الْمَطَرِ وَالْعِلَّةِ(1) أَنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ.
          فيه ابْن عُمَرَ: (أنَّه أَذَّنَ بِالصَّلاةِ، فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ، ثُمَّ قَالَ: أَلا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةً ذَاتَ بَرْدٍ وَمَطَرٍ يَقُولُ: أَلا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ). [خ¦666]
          وفيه: عِتْبَان بْن مَالِكٍ: (أنَّه كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ وَهُوَ أَعْمَى، وَأَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلعم: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا تَكُونُ الظُّلْمَةُ(2) وَالسَّيْلُ، وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ، فَصَلِّ يَا رَسُولَ اللهِ فِي بَيْتِي، مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلَّى) الحديثَ. [خ¦667]
          أجمع العلماء على(3) أنَّ التخلُّف عن الجماعات في شدِّة المطر والظلمة والريح وما أشبه ذلك مباح بهذه الأحاديث، ألا ترى أنَّ عِتبان بن مالك سأل النبيَّ صلعم أن يصلي في بيتِه مكانًا يتخذُّه مُصلَّى إذا كان المطر والسيْل، ففعل ذلك صلعم فدلَّ(4) أن شهود الجماعات سُّنَّة لأنَّه لما سقط عنه الإتيان إلى الجماعة، وجاز له أن يصليها في بيتِه منفردًا بقولِه(5): (أَلا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ) عُلم أنَّها سُّنة، ولو كانت الصلاة لا تجوز في البيوت إلَّا جماعة، لما ترك النبي صلعم بيانَه لأمَّتِه لأنَّ الله تعالى أخذ عليهم(6) ميثاق البيان لهم(7)، ولقال لعِتبان: لا تصحُّ لك في مصلاك هذا(8) صلاة منفردة(9) حتَّى يجتمع معك فيه(10) غيرك، فصحَّ قول الجماعة(11) أنَّ الجمع سُنَّة، وإذا وسع التخلُّف عن الجماعة للظلمة والمطر فالتخلُّف لعذر(12) المرض مثلُه، وقد قال إبراهيم النَّخَعِيُّ: ما كانوا يرخِّصون في ترك الجماعة إلَّا لخائف أو مريض.


[1] في (م): ((في العلة والمطر)).
[2] زاد في (ق) و(م) و(ص): ((والمطر)).
[3] قوله: ((على)) ليس في (م) و(ق).
[4] زاد في (م) و(ق): ((على)).
[5] في (ز): ((بقوله)) والمثبت من (م) و(ق), في (ص): ((وبقوله)).
[6] في (ق): ((عليه)).
[7] قوله: ((لهم)) ليس في (ق).
[8] في (ص): ((هذه)).
[9] في (م): ((منفردًا)).
[10] في (ق): ((فيه معك)).
[11] في (م) و(ق): ((جماعة الفقهاء)).
[12] في (ق): ((فليتخلف فلعذر)).