شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد

          ░36▒ باب: مَنْ(1) جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ / يَنْتَظِرُ الصَّلاةَ وَفَضْلِ الْمَسَاجِدِ.
          فيه: أَبو هُرَيْرَةَ قال: قال(2) رَسُولَ اللهِ صلعم: (الْمَلائِكَةُ تُصَلِّي على أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلاهُ مَا لَمْ يُحْدِثِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، لا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاةٍ مَا دَامَتِ(3) الصَّلاةُ تَحْبِسُهُ، لا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إلى أَهْلِهِ إِلَّا الصَّلاةُ). [خ¦659]
          وفيه: أَبو هُرَيْرَةَ: (قال النبيُّ صلعم: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ)، وذكر(4) منهم: (رَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بالْمَسَاجِدِ). [خ¦660]
          قوله ◙: (الْمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلاهُ)(5) تفسير لقولِه تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}[غافر:7]، يريد المصلين والمنتظرين للصلاة، ويدخل في ذلك من أشبههم في المعنى ممن حبس نفسَه على أفعال البرِّ كلِّها، والله أعلم.
          قال المُهَلَّب: فالصلاة(6) من الملائكة استغفار ودعاء، وهي من الله تعالى رحمة، وقد فسَّر أبو هريرة الحدث فقال: فُساء أو ضُراط، وقد رُوي عنه: ((ما لم يُحدث)) ما لم يُؤذ أحدًا، فتأوَّل العلماء في ذلك الأذى أنَّه الغيبة وشبهها، وإنَّما هو _والله أعلم_ أذى الحدث، يُفسر ذلك حديث النوم(7)، لكن النظر يدلُّ أنَّه إذا آذى أحدًا بلسانِه أنَّه ينقطع عنه استغفار الملائكة، لأنَّ أذى السبِّ والغيبة فوق أذى رائحة الحدث، فإذا انقطع عنه استغفار الملائكة بأذى الحدث، فأولى أن ينقطع بأذى السبِّ وشبهِهِ.


[1] في (م): ((ومن)).
[2] قوله: ((قال)) ليس في (م) و(ق).
[3] في (ق): ((كانت)).
[4] قوله: ((ذكر)) ليس في (م) و(ق).
[5] زاد في (م) و(ق): ((هو)).
[6] في (م): ((والصلاة)).
[7] في (م): ((الثوم)).