شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب وضع اليمنى على اليسرى

          ░87▒ باب وَضْعِ الْيُمْنَى على الْيُسْرَى فِي الصَّلاة.
          فيه: سَهْلُ بْن سَعْدٍ قَالَ: (كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْيَدَ الْيُمْنَى على ذِرَاعِهِ(1) فِي الصَّلاة). [خ¦740]
          قَالَ أَبُو حَازِمٍ: لا أَعْلَمُهُ إِلا يَنْمِي ذَلِكَ إلى رسول الله صلعم.
          اختلف العلماء في هذا الباب، فممَّن رُوي عنه وضع اليمنى على اليسرى في الصَّلاة(2) أبو بكر الصِّدِّيق وعليُّ بن أبي طالب ☻، وهو قول الثوريِّ والكوفيين، وقال ابن حبيب: سألتُ مطرفًا، وابن(3) الماجشون عن ذلك فقالا: لا بأس به في النَّافلة والمكتوبة(4)، ورَوياه عن مالك، ورواه أشهب وابن نافع وابن وهب عن مالك أيضًا، وهو قول الشافعيِّ وأحمد وإسحاق، وهو من باب الخشوع. وقال عطاء: مَن شاء فعل ذلك ومَن شاء تركَه(5)، وهو قول الأوزاعيِّ.
          ورأتْ طائفة إرسال اليدين في الصَّلاة، رُوي(6) ذلك عن ابن الزبير والحسن البصريِّ وسعيد بن المسيَّب، ورأى سعيد بن جبير رجلًا يُصلِّي واضعًا يمينَه على شمالِه فذهب(7) ففرَّق بينهما. وروى ابن القاسم عن مالك(8) قال: لا أحبُّه في المكتوبة ولا بأس به في النوافل مِن طول القيام. وحجَّة أهل المقالة الأولى حديث سهل بن سعد(9)، وقد روى ابن مسعود، ووائل بن حجر، والد(10) قَبِيصَة، عن النبيِّ صلعم، مثل حديث سهل بن سعد، وقال عليُّ بن أبي طالب: ذلك مِن السنَّة، وقال في قولِه تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}[الكوثر:2]، قال(11): وضع اليمين على الشمال في الصَّلاة تحت الصدور(12)، ورُوي أنَّ ابن عمر كان يفعلُه. قال ابن القصَّار: ووجه قول مَن كرِه ذلك أنَّه عملٌ في الصَّلاة، وربَّما(13) شَغل(14) صاحبَه، وربَّما دخلَه ضربٌ من الرياء(15)، وقد علَّم النبيُّ ◙، الأعرابيَّ الصَّلاة(16) ولم يأمرْه بوضع اليد على اليد، فإن قيل: إنَّ وضعها من الخشوع، قيل: الخشوع لله تعالى الإقبال عليه والإخلاص في الصَّلاة(17).
          وقوله(18): (يَنْمِيْ) يعني يرفع(19).


[1] زاد في(ق) و(م): ((اليسرى)).
[2] قوله: ((في الصلاة)) ليس في (م).
[3] قوله: ((حبيب: سألتُ مطرفًا، وابن)) ليس في (م).
[4] في(ق) و(م): ((في المكتوبة والنافلة)).
[5] في(م): ((ترك)).
[6] في(ق): ((وروي)).
[7] قوله: ((فذهب)) ليس في (م) و(ق).
[8] زاد في(ق): ((أنه)).
[9] قوله: ((بن سعد)) ليس في (م).
[10] في(ق): ((ووالد)). في(م): ((و... والد)) ولعلها: ((وذؤيب والد قبيصة)) أو: ((وهب والد قبيصة)).
[11] قوله: ((قال)) ليس في (ق).
[12] في(م) و(ق): ((الصدر)).
[13] في(م): ((ربما)).
[14] زاد في(م): ((به)).
[15] قوله: ((وربَّما دخلَه ضربٌ من الرياء)) ليس في (م).
[16] قوله: ((وربَّما شَغل صاحبَه، وربَّما دخلَه ضربٌ من الرياء وقد علَّم النبيُّ ◙، الأعرابيَّ الصَّلاة)) ليس في (ق).
[17] قوله: ((على اليد، فإن قيل: إنَّ وضعها من الخشوع، قيل: الخشوع لله، تعالى، الإقبال عليه والإخلاص في الصَّلاة)) ليس في (م) و(ق).
[18] في(م): ((من قوله)). و قوله ((وقوله)) ليس في (ق).
[19] في (ص): ((ينفع)).