شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ما يحقن بالأذان من الدماء

          ░6▒ باب: مَا يُحْقَنُ بِالأذَانِ(1) مِنَ الدِّمَاءِ.
          فيه: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قال: (كَانَ النبيُّ صلعم إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا لَمْ يَغْزُ حَتَّى يُصْبِحَ، وَيَنْظُرَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ، وإِلا أَغَارَ(2) عَلَيْهِمْ، فَخَرَجْنَا إلى خَيْبَرَ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ وَلَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا، رَكِبَ راحلته) الحديث(3). [خ¦610]
          قال المُهَلَّب: إنَّما يُحقن الدم بالأذان لأنَّ فيه الشهادة بالتوحيد لله ╡ والإقرار بالنبي ◙، وقوله: (لم يغزُ(4) حتَّى يصبح فإن سمع أذانًا كفَّ)، فهذا عند العلماء لمن قد بلغتْه الدعوة، وعلم ما الذي(5) يدعو إليه داعي الإسلام، فكان يمسك عن هؤلاء حتَّى يسمع الأذان ليعلم إن كانوا مجيبين للدعوة أم لا؛ لأن الله تعالى وعده بإظهار(6) دينِهِ على الدِّين كلِّه، فكان يطمع بإسلامهم، وليس يلزم اليوم الأئمة أن يكفُّوا عمَّن بلغتْه الدعوة لكي يسمعوا أذانًا لأنَّه قد علم عناد أهل الحرب وغائلتهم للمسلمين، فينبغي أن تُنتهز فيهم الفرصة(7).


[1] في (ص): ((في الأذان)).
[2] في (ق) و(ص): ((أذانًا كفَّ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أغار)).
[3] في (ص): ((وذكر الحديث)).
[4] في (ق): ((لم يغر)).
[5] في (ق): ((وعلم بالذي)).
[6] في (ق): ((لأن الله تعالى أمره بإظهار)), في (ص): ((لأن الله تعالى قد وعده إظهار)).
[7] في (ص): ((وينبغي أن تنتهز الفرصة فيهم)).