شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة

          ░22▒ باب: مَتَى يَقُومُ / النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الإمَامَ عِنْدَ الإقَامَةِ.
          فيه: أَبو قَتَادَةَ قَالَ: (قَالَ(1) رَسُولُ اللهِ صلعم: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَلا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي). [خ¦637]
          وترجم له: باب لا يسعى إلى الصلاة، ولا يقم إليها مستعجلًا، وليقم إليها(2) بالسكينة والوقار(3).
          وزاد في الحديث: (لا تقوموا حتَّى تروني، وعليكم بالسكينة والوقار(4)). [خ¦638]
          فائدةُ هذا الحديث أن تكون الإقامة متصلة بالصلاة، وألَّا يُقام لها(5) إلَّا بحضرة الإمام، وَأَمرهم صلعم ألَّا يطيعوا المؤذن في ذلك خشية التراخي والمهلة بين الإقامة والدخول في الصلاة، فينتظرونَه قيامًا لأنَّ شأن الدخول في الصلاة اتصالُه بإقامة(6) من غير فصل، فلذلك(7) نهاهم عن القيام قبل خروجِه، والله أعلم.
          وقد اختلف السلف في ذلك، فقالت طائفة: إذا أُقيمت الصلاة فلا يقوم الناس حتى يأتي الإمام، على ظاهر حديث أبي قَتادة، ورُوي(8) ذلك عن علي بن أبي طالب، وهو قول إبراهيم، وقالوا: ينتظرُه الناس قعودًا، وهو قول أبي حنيفة والشافعيِّ، ورُوي عن الحسن وعمر بن عبد العزيز أنَّهم ينتظرونَه قيامًا. واختلفوا(9) في قيام المأمومين إلى الصلاة إذا كان الإمام في المسجد، فرُوي عن سالم وأبي قِلابة والزهريِّ وعطاء(10) أنَّهم كانوا(11) يقومون في أول الإقامة، وبه قال أحمد وإسحاق، وقال أبو حنيفة ومحمد(12): يقومون في الصف(13) إذا قال المؤذن: حيَّ على الفلاح، وإذا(14) قال: قد قامت الصلاة كبَّر الإمام، وهو فعل أصحاب عبد الله والنخعيِّ، وقال أبو يوسف ومالك والشافعيُّ(15): لا يكبر الإمام حتى يفرغ المؤذن من الإقامة، وهو قول الحسن البصريّ وأحمد وإسحاق. قال ابن المنذر: و على(16) هذا جُلُّ الأئمة مالك(17) والشافعيُّ، والعمل في أمصار المسلمين، يعني في تكبير الإمام بعد تمام الإقامة(18). قال المُهَلَّب: وقولُه: (لا تسعَ(19) إلى الصلاة، ولا تقمْ(20) إليها مستعجلًا)، فذلك لأنَّ السكينة تلزم عند الوقوف بين يدي الله ╡، وفي القيام إلى الصلاة استشعارٌ بحال(21) الوقوف بين يدي الله تبارك وتعالى(22).


[1] قوله: ((قال)) ليس في (م) و(ق).
[2] قوله: ((إليها)) ليس في (م) و(ق).
[3] قوله: ((والوقار)) ليس في (ق).
[4] في (م) و(ق): ((وعليكمُ السكينة)).
[5] في (م) و(ق): ((إليها)).
[6] في (م) و(ق): ((بالإقامة)).
[7] في (م) و(ق): ((فلهذا)).
[8] في (م) و(ق): ((روي)).
[9] في (ص): ((واختلف)).
[10] في (م) و(ق): ((وعطاء والزهري)).
[11] قوله: ((كانوا)) ليس في (م) و(ق).
[12] قوله: ((وقال أبو حنيفة ومحمد)) ليس في (ص).
[13] قوله: ((في الصف)) ليس (ق).
[14] في (م) و(ق): ((فإذا)).
[15] قوله: ((ومالك والشافعي)) ليس في (م) و(ق).
[16] في (ق): ((على)).
[17] في (م): ((ومالك)).
[18] قوله: ((يعني في تكبير الإمام بعد تمام الإقامة)) ليس في (م) و(ق).
[19] في (م) و(ق): ((يسعى)).
[20] في (ق): ((يقم)).
[21] في (م) و(ق): ((لحال)).
[22] في (م) و(ق): ((يديه تبارك وتعالى)).