شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب فضل صلاة الفجر في جماعة

          ░31▒ باب فَضْلِ صَلاةِ(1) الْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ.
          فيه: أَبو هُرَيْرَةَ أنَّ النبي صلعم قَالَ(2): (تَفْضُلُ صَلاةُ الْجَمْعِ(3) صَلاةَ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسٍ(4) وَعِشْرِينَ جُزْءًا، وَتَجْتَمِعُ مَلائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ)، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَؤُوا(5) إِنْ شِئْتُمْ: {(6) إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}[الإسراء:78]. [خ¦648] [خ¦649]
          وفيه: أَبُو الدَّرْدَاء قال: (مَا أَعْرِفُ مِنْ أُمَّة(7) مُحَمَّدٍ صلعم شَيْئًا إِلا(8) أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جَمِيعًا). [خ¦650]
          وفيه: أَبُو مُوسَى: / (قَالَ النَّبِيُّ صلعم: أَعْظَمُ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلاةِ أَبْعَدُهُمْ مَمْشًى). [خ¦651]
          قال المؤلف: قد بيَّن(9) في هذا الباب(10) المعنى(11) الذي أوجب التفضيل لشهود الفجر في جماعة، وهو(12) اجتماع ملائكة الليل، والنهار فيها، ولقد(13) قال(14) عُمَر بن الخطاب ☺: لأن أشهد الفجر في جماعة أحبُّ إليَّ من أن أقوم ليلة، وقد روى أبو هريرة عن النبي صلعم أنَّ ملائكة الليل والنهار يجتمعون في صلاة العصر أيضًا. قال المُهَلَّب: فلما خصَّ الله تعالى الفجر بشهود الملائكة لها، وكان مثل ذلك في صلاة العصر، وأشبهت الفجر في هذه الفضيلة، أمر النبي صلعم بالمحافظة على العصر ليكون من حضرهما ترفع الملائكة عملَه، وتشفع(15) له.
          قال المؤلف: ويمكن أن يكون اجتماع الملائكة في الفجر والعصر(16) هُما الدرجتان الزائدتان(17) على الخمسة والعشرين(18) جزءًا في سائر الصلوات التي لا تجتمع الملائكة فيها _والله أعلم_ وإنما قلت هذا من قول أبي هريرة: سمعت النبي صلعم يقول: ((تفضل(19) صلاة الجماعة(20) صلاة أحدكم وحدَه بخمسة وعشرين جزءًا، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر))، فذكر اجتماع الملائكة في الفجر(21) بواو فاصلة، واستأنف الكلام، وقطعَه من الجملة المتقدِّمة، فدلَّ ذلك على أنَّ اجتماع الملائكة يوجب فضلًا ودرجة زائدة(22) على الخمسة وعشرين، فصارتا درجتين للفجر والعصر، ليستا(23) لغيرهما من الصلوات.
          قال المُهَلَّب: وفي حديث أبي الدرداء جواز الغضب عند تغيُّر الدِّين وتغير أحوال(24) الناس في معاشرتهم، وإنكار المنكر بالغضب(25) إذا لم يستطع على أكثر من ذلك، وهو أضعف الإيمان.
          وقوله: (مَا أَعْرِفُ مِنْ مُحَمِّد صلعم شَيْئًا)، يريد من: شريعة محمَّد صلعم شيئًا لم يتغير عمَّا(26) كان عليه إلَّا الصلاة في جماعة، فحذف المضاف(27) لدلالة الكلام عليه.
          وقوله: (أَعْظَمُ النَّاسِ فِي الصَّلاةِ أَجْرًا أَبْعَدُهُمْ مَمْشًى)، فذلك لكثرة الخُطا، وقد رُوي هذا عن النبيِّ صلعم(28).


[1] قوله: ((صلاة)) ليس في (م).
[2] في (م) و(ق): ((فيه أبو هريرة قال النبي صلعم)).
[3] في (م): ((الجميع على))، و في (ق): ((الجميع)).
[4] في (م) و(ق): ((وحده بخمسة)).
[5] في (م) و(ق): ((اقرأوا)).
[6] زاد في (م): ((وقرآن الفجر)).
[7] قوله: ((أمة)) ليس في (ص).
[8] في (م) و(ق): ((ما أعرف شيئًا من محمد إلا)).
[9] في (م): ((تبين)).
[10] في (ص): ((الحديث)).
[11] في (م): ((الحديث)).
[12] في (ص): ((هو)).
[13] في (ص) غير واضحة ورسمها: ((واحد)).
[14] في (م): ((والنهار، لهذا قال)).
[15] قوله: ((بالمحافظة على العصر ليكون من حضرهما ترفع الملائكة عملَه، وتشفع)) ليس في (ق).
[16] في (م) و(ق): ((في صلاة العصر والفجر)).
[17] في (م): ((الزائدتين)).
[18] في (ص): ((على الخمسة وعشرين)).
[19] في (م) و(ق): ((وإنما قلت هذا لقوله ◙: تفضل)).
[20] في (م) و(ق): ((الجميع)).
[21] قوله: ((في الفجر)) ليس في (م).
[22] قوله: ((فدلَّ ذلك على أنَّ اجتماع الملائكة يوجب فضلًا ودرجة زائدة)) ليس في (ص).
[23] في (ق): ((ليست)).
[24] في (م) و(ق): ((عند تغير أحوال الدين وأحوال)).
[25] في (ق): ((في الغضب)).
[26] في (ق): ((مما)).
[27] زاد في (ق) و(ص): ((إليه)).
[28] في (م): ((وقد روي نحو هذا عن النبي ◙)).