شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الجهر في العشاء

          ░100▒ بَاب الْجَهْرِ فِي الْعِشَاءِ.
          فيه: أَبو هُرَيْرَةَ: (أنَّه قَرَأ في الْعَتَمَةَ: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، فَسَجَدَ، فَقيل لَهُ: فَقَالَ: سَجَدْتُ خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ صلعم، فَلا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ). [خ¦766]
          وفيه: الْبَرَاء: (أَنَّ النبيَّ صلعم كَانَ فِي سَفَرٍ، فَقَرَأَ فِي الْعِشَاءِ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ). [خ¦767]
          وترجم لحديث البراء: باب: القراءة في العشاء بالسجدة، وباب: القراءة في العشاء.
          سنَّةُ العشاء الجهر بها(1) كالمغرب سواء، وقراءتُه ◙ فيها بإذا السماء انشقت، وبالتين والزيتون، يدلُّ(2) أنه لا توقيت في القراءة في الصلوات لا يُجزئ غيرُه، إلا أنه حين قرأ في العشاء(3) بالتين والزيتون كان في سفر(4)، وأمَّا في الحضر فإنَّه كان يقرأ: {إِذَا(5) السَّمَاء انشَقَّتْ}[الإنشقاق:1]ونحوِها وأطولِ منها، وقد قرأ عُمَر بن الخطاب في إحدى الركعتين بالتين والزيتون، وترجم لحديث البراء: باب القراءة في العشاء بالسجدة(6)، وكتب إلى أبي موسى الأشعريِّ: اقرأ بالناس في العشاء الآخرة بوسط المفصل، وروى سليمان بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلعم مثلَه، وهو قول عُمَر بن عبد العزيز، وأجازه(7) أشهب(8)، وقرأ فيها عثمان بن عفَّان بالنجم، وقرأ ابن عمر بالذين كفروا والفتح، وهي أطول المفصل، وروى عليُّ بن زياد عن مالك قال: يقرأ فيها بالحاقة ونحوها.
          وأجاز العلماء للمسافر إذا(9) أعجلَه(10) أصحابُه أو استُغيث به لميت يموت أن يقرأ بسورة(11) قصيرة، كما قرأ النبي صلعم بالتين والزيتون في السفر.
          وهو قول مالك، وقد قرأ أبو هريرة في العشاء بالعاديات، ويُحتمل أن يكون في سفر أو يكون أعجلته(12) حاجة لذلك، والله أعلم.
          وأمَّا القراءة بالسجدة في العشاء وسائر المكتوبات فأجازَه من العلماء من قال بالسجود في المفصل، وقد اختلفت(13) الرواية عن مالك في ذلك، ففي «المدونة»: كرِه مالك للإمام أن يتعمَّد قراءة سورة فيها / سجدة، لئلَّا(14) يخلط على الناس، فإن(15) قرأها فليسجد، وأكرَه(16) أن يتعمدها الفذُّ، وروى عنه أشهب أنه إذا كان مع الإمام قليل من الناس لا(17) يخاف أن يخلط عليهم فلا بأس بذلك، وروى عنه ابن وهب أنه قال(18): لا بأس أن يقرأ الإمام بالسجدة في الفريضة.


[1] في(ق) و(م): ((فيها)).
[2] في(ق): ((فدل)).
[3] قوله: ((في العشاء)) ليس في (م) و(ق).
[4] في(ق): ((والزيتون في كل سفر)).
[5] في(م): ((بإذا)).
[6] قوله: ((في إحدى الركعتين بالتين والزيتون...القراءة في العشاء بالسجدة)) ليس في (م)، وبدله قوله: ((فيها بإذا السماء انشقت)).
[7] في(ق) و(م): ((واختاره)).
[8] زاد في(م): ((صاحب مالك)).
[9] في(ق): ((فزاد)).
[10] في (ص): ((أعجل و)).
[11] في(ق) و(م) و(ص): ((سورة)).
[12] في(م) و(ق): ((سفر أو أعجله)).
[13] في(ق): ((اختلف)).
[14] في(م) و(ق): ((لما)).
[15] في(م) و(ق): ((وإن)).
[16] في(ق): ((وإن كره)).
[17] في(ق): ((كان مع الإمام جمع قليل لا)).
[18] في(م) و(ق): ((وروى ابن وهب عنه قال)).