شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم

          ░49▒ باب: إِذَا اسْتَوَوْا فِي الْقِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ.
          فيه: مَالِك بْن الْحُوَيْرِثِ قَالَ: (قَدِمْنَا على النَّبِيِّ صلعم وَنَحْنُ شَبَبَةٌ، فَلَبِثْنَا عِنْدَهُ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ النَّبِيُّ صلعم رَحِيمًا، فَقَالَ: لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى بِلادِكُمْ فَعَلَّمْتُمُوهُمْ، مُرُوهُمْ فَلْيُصَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ(1) أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ). [خ¦685]
          قال المؤلف(2): لا خلاف بين العلماء أنَّهم إذا استووا في القراءة والفقه والفضل، فالأسنُّ(3) أولى بالتقديم(4)، وموضع الدلالة من هذا الحديث على التساوي في القراءة هو(5) أنَّ مالك بن الحويرث قال: (قَدِمْنَا على النَّبِيِّ صلعم وَنَحْنُ شَبَبَةٌ، فَلَبِثْنَا عِنْدَهُ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً)، فاستدلَّ بتقاربهم في السنِّ وتساويهم(6) في مدِّة التعليم، وإن كان بعضهم أقبل لها(7) وأسرع حفظًا من غيرِه، أنَّهم قد تساووا في تعليم(8) ما تجزئهم الصلاة به، ولذلك رقَّ عليهم النبيُّ صلعم وصرفهم إلى أهليهم، ولو لم يتعلَّموا ما يجزئهم في(9) الصلاة ما(10) صرفهم حتى يتعلَّموه(11).
          وقوله: (فَلْيَؤُمَّكُم(12) أَكْبَرُكُمْ)، فيه(13) دليلٌ أنَّ الإمامة تُستحقُّ بالسنِّ إذا كان معَه علم وفضل، وأمَّا إن تعرَّى السنُّ من العلم والقراءة والفضل، فلا حظَّ للكبير(14) في الإمامة، بدليل تقديم النبيِّ صلعم عَمْرو بن سلمة وهو صبيٌّ في مسجد عشيرتِه، وفيهم الشيوخ والكهول.


[1] قوله: ((لكم)) ليس في (ص).
[2] قوله: ((قال المؤلف)) ليس في (م) و(ق).
[3] في(ق): ((فالسنّ)).
[4] في(م): ((بالتقدم)).
[5] في (ص): ((وهو)).
[6] في(م) و(ق): ((واستوائهم)).
[7] في(م) و(ق): ((له)).
[8] في(ق): ((علم)).
[9] قوله: ((في)) ليس في (م).
[10] في(ق): ((يتعلموا ما تجزئهم الصلاة به ما)).
[11] في (ص): ((تعلموه)).
[12] في(م) و(ق): ((وليؤمكم)).
[13] في(م) و(ق): ((ففيه)).
[14] في(ق): ((للكبر)).