شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي

          ░65▒ باب: مَنْ أَخَفَّ الصَّلاة عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ.
          فيه: أَبو قَتَادَةَ: (أنَّ النبيَّ صلعم قَالَ: إِنِّي لأقُومُ فِي الصَّلاة، فأُرِيدُ(1) أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاتِي، كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ على أُمِّهِ). [خ¦707]
          وفيه: أَنَسٌ قال: (مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ(2) إِمَامٍ(3) قَطُّ، أَخَفَّ صَلاةً وَلا أَتَمَّ مِنَ النبي صلعم، وَإِنْ كَانَ لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَيُخَفِّفُ مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ). [خ¦708]
          فيه(4): أنَّه كان يتجوَّز السجود في(5) الصَّلاة لأمور الدنيا وخشية إدخال المشقَّة على النفوس. وقد يجوز أن يحتجَّ من هذا الحديث مَن قال: إنَّه جائز للإمام إذا سمع خفق النعال(6) وهو راكع أن يزيد في ركوعِه شيئًا ليُدركَه(7) الداخلون فيها لأنَّه في معنى تجوَّز النبيُّ صلعم مِن أجل بكاء الصبيِّ، وممَّن أجاز ذلك: الشَّعبيُّ والنخعي وعبد الرحمن ابن أبي ليلى(8).
          وقال آخرون: ينتظرهم ما لم يشقَّ على أصحابِه، هذا قول أحمد وإسحاق وأبي ثور، وقال مالكٌ: لا ينتظرهم لأنَّه يضرُّ بمن خلفَه، لأنَّه(9) لو فعل ذلك ولعلَّه يسمع آخر بعد ذلك فينتظرَه فيضرُّ بمن معَه، وهذا(10) قول الأوزاعيِّ وأبي حنيفة والشافعيِّ، وقالوا: يركع كما كان يركع. واستدلَّ أهل المقالة الأولى أنَّه لما(11) كان تجوُّزه في صلاتِه لا يخرجُه منها، دلَّ أنَّ الزيادة فيها أشياء(12) لا يخرجُ(13) من الصَّلاة(14)، ولما أجمعوا أنَّه جائز للإمام أن ينتظر الجماعة ما لم يخفْ فوتَ(15) الوقت جاز للراكع أيضًا ذلك ما لم يخفْ فوات الوقت.


[1] في(م) و(ق): ((أريد)).
[2] في(م): ((خلف)).
[3] قوله: ((وراء إمام)) ليس في (ق).
[4] زاد في (ز): ((أنس)) وفي (ص): ((وفيه أنس)).
[5] في(م) و(ق): ((أنه يجوِّز التجوُّز في)).
[6] زاد في(م) و(ق): ((ورآه)).
[7] في(م): ((ليدرك)).
[8] في(م) و(ق): ((الشعبي والنخعي وابن أبي ليلى)).
[9] قوله: ((لأنه)) ليس في (م) و(ق).
[10] في(م) و(ق): ((وهو)).
[11] في (ق): ((كما)).
[12] في (ق) و(م): ((شيئًا)).
[13] في (ص): ((لا يخرجه)).
[14] زاد في(م): ((أيضًا)).
[15] في(م) و(ق): ((فوت)).