إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث جابر: كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول

          4528- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضل بن دُكَين قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) هو الثَّوريُّ، كما جزم به في «الفتح»، ونقل في «العمدة»(1) عن المزِّيِّ: أنَّه ابن عيينة (عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ) محمَّدٍ أنَّه قال: (سَمِعْتُ جَابِرًا ☺ قَالَ: كَانَتِ اليَهُودُ تَقُولُ: إِذَا جَامَعَهَا مِنْ وَرَائِهَا) لفظ رواية الإسماعيليِّ من طريق يحيى بن أبي زائدة عن سفيان الثَّوريِّ: باركةً مدبرةً في فرجها من ورائها، وعند مسلمٍ من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن المنكدر: إذا أتى الرَّجل امرأته من دبرها في قُبُلِها، ومن طريق أبي حازم ٍعن ابن المنكدر: فحملت (جَاءَ الوَلَدُ أَحْوَلَ، فَنَزَلَتْ) تكذيبًا لليهود في زعمهم: ({نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة:223]) فأباح للرِّجال أن يتمتَّعوا(2) بنسائهم كيف شاؤوا، أي: فأتوهنَّ كما تأتون أرضكم التي تريدون أن تحرثوها من أيِّ جهةٍ شئتم، لا يُحظَر عليكم جهةٌ دون جهةٍ؛ والمعنى: جامعوهنَّ من أيِّ شقٍّ أردتم بعد أن يكون المأتيُّ واحدًا وهو موضع الحرث، وهذا من الكنايات اللَّطيفة والتَّعريضات المستحسنة، قاله الزَّمخشريُّ، قال الطِّيبيُّ: لأنَّه أُبِيح لهم أن يأتوها من أيِّ جهةٍ شاؤوا كالأراضي(3) المملوكة، وقيَّد بالحرث ليشير ألَّا يتجاوز ألبتَّة موضع البذر، وأن يتجاوز عن مجرَّد الشَّهوة؛ فالغرض الأصليُّ طلبُ النَّسل لا قضاء الشَّهوة.
          وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ‼ في «النِّكاح» وغيره، والتِّرمذيُّ في «التَّفسير»، والنَّسائيُّ في «عِشْرة النِّساء»، وابن ماجه في «النِّكاح».


[1] في (ج): «وقال العيني».
[2] في (د): «يستمتعوا».
[3] في (د): «كالأرض».