إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

{ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام}

          ░20▒ ({وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة:150]) هذا أمرٌ ثالثٌ منه تعالى باستقبال الكعبة، واختُلِف في حكمة التَّكرار؛ فقيل: تأكيدٌ لأنَّه أوَّل ناسخٍ وقع في الإسلام على ما نصَّ عليه ابن عبَّاسٍ وغيره، والنَّسخ من مظانِّ الفتنة والشُّبهة، فبالحريِّ أن يُؤكَّد أمرها ويُعاد ذكرها مرَّةً بعد أخرى، وقيل: إنَّه منزَّلٌ على أحوالٍ؛ فالأوَّل: لمن هو مشاهدٌ للكعبة، والثَّاني: لمن هو في مكَّة غائبًا عن مشاهدة الكعبة، والثَّالث: لمن هو في غيرها من البلدان، أو الأول: لمن بمكَّة، والثَّاني: لمن هو بغيرها من البلدان، والثَّالث: لمن خرج في الأسفار، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: ”{شَطْرَهُ}“ بالنَّصب(1): ”تلقاءَه“ وزاد في رواية غير أبي ذرٍّ بعد قوله: {وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ}: ”إلى قوله: {وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}“، أي: إلى ما ضلَّت عنه الأمم؛ ولذا كانت هذه الأمَّة أفضل الأمم وأشرفها.


[1] زيد في (د) و(ص): «أي».