إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

سورة النساء

           ░░░4▒▒▒ (سورة النِّسَاءِ) مدنيَّةٌ، زاد أبو ذرٍّ: ” ╖ “ والمُستملي والكُشْميهَنيِّ.
          (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) فيما وصله ابن أبي حاتمٍ بإسنادٍ صحيحٍ من طريق ابن جريجٍ(1) عن عطاءٍ عنه: ({يَسْتَنكِفَ}) يريد: تفسير قوله تعالى: {وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ}[النساء:172]: معناه: (يَسْتَكْبِرُ) فالعطف للتَّفسير، أي: يأنف.
          وقال ابن عبَّاسٍ أيضًا فيما وصله ابن أبي حاتمٍ عن عليِّ بن أبي طلحة عنه: (▬قِوَامًا↨: قِوَامُكُمْ مِنْ مَعَايِشِكُمْ) بكسر القاف وبعدها واوٌ، والتِّلاوة بالياء التَّحتيَّة؛ إذ مراده: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً}[النساء:5] قيل: لم يقصد المؤلِّف بها التَّلاوة، بل حذف الكلمة القرآنية وأشار إلى تفسيرها، وقد قال أبو عبيدة: {قِيَاماً} و«قِوامًا» بمنزلةٍ واحدةٍ، تقول: هذا قِوامُ أمرك وقيامُه، أي: ما يقوم به أمرك، والأصل بالواو، فأبدلوها بكسرة القاف، ونُقِل أنَّها بالواو قراءة ابن عمر ☻ .
          وقوله: {أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ} ({لَهُنَّ سَبِيلاً}[النساء:15] يَعْنِي: الرَّجْمَ لِلثَّيِّبِ، وَالجَلْدَ لِلْبِكْرِ) قاله ابن عبَّاسٍ فيما وصله عبد بن حميدٍ بإسنادٍ صحيحٍ، وكان الحكم في ابتداء الإسلام أنَّ المرأة إذا زنت، وثبت زناها حُبِسَت في بيتٍ حتَّى تموت.
          (وَقَالَ غَيْرُهُ) أي: غير ابن عبَّاسٍ ☻ ، وسقط قوله: «وقال غيره» لأبي ذرٍّ، وسقطت الجملة كلُّها من قوله: «قال ابن عبَّاسٍ...» إلى هنا من رواية الحَمُّويي ({مَثْنَى وَثُلاَثَ}) {وَرُبَاعَ}[النساء:3] قال أبو عبيدة: (يَعْنِي: اثْنَتَيْنِ‼ وَثَلَاثًا وَأَرْبَعًا، وَلَا تُجَاوِزُ العَرَبُ رُبَاعَ) اختُلِف في هذه الألفاظ؛ هل يجوز فيها القياس أو يُقتَصر فيها على السَّماع؟ فذهب البصريُّون إلى الثَّاني، والكوفيُّون إلى الأوَّل، والمسموع من ذلك أحد عشر لفظًا: أُحاد ومَوحَد، وثُناء ومَثنَى، وثُلاث ومَثلَث، ورُباع ومَرْبع، وخُماس(2) ومَخمَس، وعُشار ومَعشر، لكن قال ابن الحاجب: هل يقال: خُماس ومَخمَس... إلى عُشار ومَعشر؟ فيه خلافٌ، والأصحُّ: أنَّه(3) لم(4) يثبت، وهذا هو الذي اختاره المؤلِّف، وجمهور النُّحاة على منع صرفها، وأجاز الفرَّاء صرفها وإن كان المنع عنده أولى، ومنع الصَّرف للعدل والوصف؛ لأنَّها معدولةٌ عن صيغةٍ إلى صيغةٍ؛ وذلك أنَّها معدولةٌ عن عددٍ مكرَّرٍ(5)، فإذا قلت: جاء القوم أُحاد أو مَوحَد، أو ثُلاث أو مَثلَث؛ كان بمنزلة قولك: جاؤوا واحدًا واحدًا وثلاثةً ثلاثةً، ولا يراد بالعدول(6) عنه التَّوكيد، إنَّما يراد به تكرير العدد، كقوله: علَّمته الحساب بابًا بابًا، أو للعدل والتَّعريف، أو لعدلها عن عددٍ مكرَّرٍ وعدلها(7) / عن التَّأنيث، أو لتكرُّر(8) العدل... أقوالٌ، وقول البخاريِّ: «يعني: اثنتين وثلاثًا وأربعًا» ليس معناه ذلك، بل معناه: المكرَّر؛ نحو: اثنتين اثنتين، وإنَّما تركه اعتمادًا على الشُّهرة، أو أنَّه عنده ليس بمعنى التَّكرار.


[1] في (د): «جبير» وهو تحريفٌ.
[2] «وخماس»: سقط من (ب) و(ص).
[3] «أنَّه»: ليس في (م).
[4] في (ص): «أن»، ثمَّ سقط منها: «لم».
[5] في (د): «مذكورٍ» وهو تحريفٌ.
[6] في غير (د): «بالمعدول».
[7] في (د): «أو عدلها».
[8] في غير (د) و(م): «لتكرار».