إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

سورة {تبارك الذي بيده الملك}

          ░░░67▒▒▒ (سُورة {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}) مكِّيَّة، وآيُها ثلاثون، ولغير أبي ذرٍّ: ”سورة الملك“.
          وقوله: {تَبَارَكَ} أي: تنزَّه عن صفاتِ المحدَثين و{ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}[الملك:1] بقبضةِ قدرتهِ التَّصرف في الأمورِ كلِّها.
          (التَّفَاوُتُ) قال الفرَّاء: (الاِخْتِلَافُ، وَالتَّفَاوُتُ) بالألف والتخفيف (وَالتَّفَوُّتُ) بغير ألف والتَّشديد، وبها قرأ حمزة والكِسائيُّ (وَاحِدٌ) في المعنى؛ كالتَّعهُّد والتَّعاهد.
          ({تَمَيَّزُ}) أي: (تَقَطَّعُ) {مِنَ الْغَيْظِ}[الملك:8]. قال في «الأنوار»: وهو تمثيلٌ لشدَّة اشتعالِها بهم / ، ويجوز أن يرادَ غيظ الزَّبانية.
          ({مَنَاكِبِهَا})‼ في قولهِ تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا}[الملك:15] أي: (جَوَانِبِهَا) قال في «فتوح الغيب»: قوله: {مَنَاكِبِهَا} استعارةٌ تمثيليَّة أو تحقيقيَّة؛ لأنَّ القصدَ الأرض، إمَّا ناحيتها أو جبالها؛ فنسبةُ الذَّلول إليها ترشيحٌ، ونسبةُ المشي تجريدٌ. قال الرَّاغبُ: المنكب مجتمعُ ما بينَ العضد والكتِف، ومنه استعيرَ للأرضِ المنكب في قولهِ تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} كما استعيرَ لها(1) الظَّهر في قولهِ: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ}[فاطر:45].
          ({تَدَّعُونَ}) بالتَّشديد في قولهِ تعالى: {وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ}[الملك:27] (وَ{تَدَّعُونَ}) بسكون الدال مخففًا، وهي قراءة يعقوب. زاد أبو ذرٍّ: ”واحد“ (مِثْلُ تَذَّكَّرُونَ) بالتَّشديد (وَتَذْكُرُونَ) بالتَّخفيف، وقيل: التَّشديد من الدَّعوى، أي: تدَّعون(2) أنَّه لا جنَّة ولا نار، وقيل: من الدُّعاء، أي: تطلبونَه وتستعجلونَه، وعلى التَّخفيف قيل: إنَّ الكفَّار كانوا يدعون على الرَّسول ╕ وأصحابه ♥ بالهلاكِ.
          ({وَيَقْبِضْنَ}[الملك:19]) أي: (يَضْرِبْنَ بِأَجْنِحَتِهِنَّ).
          (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وصلَه الفِريابيُّ في قولهِ: ({صَافَّاتٍ}[الملك:19]) هو (بَسْطُ أَجْنِحَتِهِنَّ) وسقط قوله: «{وَيَقْبِضْنَ}...» إلى هنا لأبي ذرٍّ.
          ({وَنُفُورٍ}) في قولهِ تعالى: {بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ}[الملك:21] قال مجاهدٌ: هو (الكُفُورُ) فيما وصلَه عبدُ بن حميدٍ.


[1] قوله: «المنكب في قولهِ تعالى: { فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} كما استعيرَ لها»: ليس في (د).
[2] في (د): «ما تدعون».