إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قوله: {أيود أحدكم أن تكون له جنة}

          ░47▒ (بابُ قَوْلِهِ) ╡: ({أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ}) قال البيضاويُّ كالزَّمخشريِّ: الهمزة في {أَيَوَدُّ} للإنكار ({أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ}) في موضع رفعٍ صفةً لـ {جَنَّةٌ} أي: كائنةٌ من النَّخيل(1) ({وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}) جملة {تَجْرِي} صفةٌ لـ {جَنَّةٌ} أو حالٌ منها؛ لأنَّها قد وصفت ({لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ}[البقرة:266]) جملةٌ من مبتدأ وخبرٍ مقدَّمٍ، لكنَّ المبتدأ لا يكون جارًّا ومجرورًا(2)، فأُوِّل على حذف المبتدأ، والجارُّ(3) والمجرور صفةٌ قائمةٌ مقامه، أي: له فيها رزقٌ أو فاكهةٌ من كلِّ الثَّمرات، فحُذِف الموصوف نفسه، أو {مِن} زائدةٌ، أي: له فيها كلُّ الثَّمرات(4)، على رأي الأخفش، وجعل الجنَّة منهما مع ما فيها من سائر الأشجار تغليبًا لهما؛ لشرفهما وكثرة منافعهما، ثمَّ ذكر أنَّ فيها من كلِّ الثَّمرات ليدلَّ على احتوائها على سائر أنواع الأشجار، وليس في الفرع وأصله ذكر قوله: «{لَهُ (5) فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ}» بل قال بعد قوله: {جَنَّةٌ}: ”إلى قوله: {تَتَفَكَّرُونَ}“ أي: تتفكَّرون في الآيات فتعتبرون بها، ولأبي ذرٍّ: ”{مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {تَتَفَكَّرُونَ}“.


[1] في (د): «نخيلٍ».
[2] في غير (د) و(س): «ولا مجرورًا».
[3] في غير (د) و(س): «أو الجارُّ».
[4] زيد في (د): «أي».
[5] { لَهُ }: ليس في (د).