إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

الحجرات

          ░░░49▒▒▒ (الحُجُرَاتِ) مدنيَّة، وآيُها ثمان عشرة، ولأبي ذرٍّ: ”سورة الحجرات“.
          ( ╖ )(1) وسقطتِ البسملَةُ لغير أبي ذرٍّ. (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وصلهُ عبد بنُ حميد في قولهِ تعالى: ({لَا تُقَدِّمُوا}[الحجرات:1]) بضم أوله وكسر ثالثه(2)، أي: (لَا تَفْتَاتُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم ) بشيءٍ (حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ عَلَى لِسَانِهِ) ما شاءَ، وقال الزَّركشيُّ: الظَّاهرُ أنَّ هذا التَّفسير على قراءةِ ابنِ عبَّاس: بفتح التاء والدال، وكذا قيَّده البياسيُّ، وهي قراءةُ يعقوب الحضرَميِّ، والأصلُّ: لا تَتقدَّمُوا، فحذف إحدى التاءين. وقال في «المصابيح» _متعقِّبًا لقولِ الزَّركشيِّ_: ليس هذا بصحيحٍ بل هذا التَّفسيرُ متأتٍّ على القراءةِ المشهورةِ أيضًا، فإن قدَّمَ بمعنَى: تقدَّم. قال الجوهريُّ: وقدَّمَ بين يديهِ، أي: تقدَّم، قال الله تعالى: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ}[الحجرات:1]. انتهى. قال الإمام فخرُ الدِّين: والأصحُّ أنَّه إرشادٌ عامٌّ يشملُ الكلَّ، ومنعٌ مطلقٌ يدخلُ فيه كلُّ افتِيَاتٍ وتقدُّمٍ واستبدادٍ بالأمرِ، وإقدامٍ على فعلٍ غير ضروريٍّ من غير مشاورةٍ.
          ({ امْتَحَنَ}) في قولهِ تعالى: { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى}[الحجرات:3] قال مُجاهدٌ فيما وصلهُ الفِريابيُّ: أي: (أَخْلَصَ) من امتحنَ الذَّهبَ؛ إذا أذابهُ وميَّز إبريزهُ من خبيثهِ(3).
          ({تَنَابَزُوا}[الحجرات:11]) ولأبي ذرٍّ: ”{وَلَا تَنَابَزُوا (4)}“(5) قال مُجاهدٌ فيما وصلهُ الفِرْيابيُّ بنحوه: أي‼: (لا يُدْعَى) الرَّجلُ (بِالكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلَامِ) وقال الحسنُ: كان اليهوديُّ والنَّصرانيُّ يسلمُ، فيقال له بعد إسلامهِ: يا يهوديُّ، يا نصرانيُّ، فنهوا عن ذلك، وزاد أبو ذرٍّ قبل قوله: {تَنَابَزُوا}: ”بابٌ“ بالتَّنوين، وسقطَ لغيره.
          ({يَلِتْكُم}[الحجرات:14]) قال مُجاهد فيما وصلهُ الفِرْيابيُّ: أي: (يَنْقُصْكُمْ) من أجوركُم. (أَلَتْنَا) أي: (نَقَصْنَا) وهذا الأخيرُ من سورة الطور، وذكره استطرادًا.


[1] البسملة: لم يعتمدها في (د) و(ص) من المتن.
[2] في (م): «ثانيه».
[3] في (ص) و(م): «خبثه».
[4] في (م): «تتنابزوا».
[5] قوله: «ولأبي ذر: ولا تنابزوا»: ليست في (د).