إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

سورة {والتين}

          ░░░95▒▒▒ (سورة {وَالتِّينِ}) مكِّيَّة أو مدنيَّة، وآيُها ثمان، وثبتَ لفظ: ”سورة“ لأبي ذرٍّ.
          (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وصلَه الفِرْيابيُّ: (هُوَ التِّينُ وَالزَّيْتُونُ الَّذِي يَأْكُلُ(1) النَّاسُ) وخصَّهما بالقَسم لأنَّ التِّين فاكهةٌ طيبةٌ لا فضلَ لهُ(2)، وغذاءٌ لطيفٌ سريعُ الهضمِ، ودواءٌ كثيرُ النَّفع؛ لأنَّه يلينُ الطَّبع، ويحلِّلُ البَلغم، ويطهِّر الكليتين، ويزيلُ رملَ المثانَةِ، ويفتحُ سدَّة الكبدِ والطُّحال، ويسمِّن البدنَ، ويقطعُ البواسيرَ، وينفعُ من النقرس، ويشبهُ فواكه الجنَّة؛ لأنَّه بلا عجمٍ، ويمكثُ في المعدةِ ويخرجُ بطريقِ الرَّشح، وأمَّا الزَّيتون ففاكهةٌ وإدامٌ ودواءٌ، وله دهنٌ لطيفٌ كثيرُ المنافع، وينبتُ في الجبالِ الَّتي ليست فيها دهنيَّة، فلمَّا كان فيهما / هذه المنافعُ الدَّالة على قدرةِ خالقهما لا جرم أقسمَ الله بهما.
          وعن ابنِ عبَّاس‼ _فيما رواهُ ابنُ أبي حاتمٍ_: التِّين مسجدُ نوحٍ الَّذي بنيَ على الجُودي، وقيل: التِّين مسجدُ أصحابِ(3) الكهفِ، والزَّيتون مسجدُ إيلياء.
          (يُقَالُ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ}[التين:7]) أي: (فَمَا الَّذِي يُكَذِّبُكَ بِأَنَّ(4) النَّاسَ يُدَانُونَ بِأَعْمَالِهِمْ؟) يجازونَ بها، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”يدالون“ باللام بدل النون، والأوَّل هو الصَّواب (كَأنَّه قَالَ: وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَكْذِيبِكَ بِالثَّوَابِ وَالعِقَابِ؟) زادَ الفرَّاء: بعد ما تبيَّن لهُ كيفيَّة خلقهِ، و{مَا} استفهاميَّة في محلِّ رفع بالابتداء، والخبر الفعل بعدها، والمخاطبُ الرَّسول، وقيل: الإنسانُ؛ على طريقةِ الالتفاتِ.


[1] في (م): «يأكله».
[2] في (س): «لها».
[3] في (م): «أهل».
[4] في (م): «أن».