إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

سورة {قل أعوذ برب الناس}

          ░░░114▒▒▒ (سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}[الناس:1]) مكِّيَّة أو مدنيَّة‼، وآيُها ستٌّ، فإن قلت: إنَّه تعالى ربُّ جميع العالمين، فلم خصَّ النَّاس؟ أُجيب: لشرفهم، أو لأنَّ المأمورَ هو النَّاس(1).
          وسقط لفظ «سورة» لغير أبي ذرٍّ(2).
          (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ولأبي ذرٍّ: ”وقالَ(3) ابنُ عبَّاس“: ({ الْوَسْوَاسِ}[الناس:4] إِذَا وُلِدَ) بضم الواو وكسر اللام (خَنَسَهُ الشَّيْطَانُ) اعترضه السَّفاقِسيُّ: بأنَّ المعروف في اللُّغة: خنسَ إذا رجعَ وانقبضَ، وقال الصَّغانيُّ: الأَولى «نخسهُ» مكان «خَنَسه»، فإن سلمتِ اللَّفظة من الانقلابِ والتَّصحيف؛ فالمعنى: أزالهُ عن مكانه لشدَّة نخسهِ وطعنهِ بإصبعه في خاصرتهِ (فَإِذَا ذُكِرَ اللهُ ╡ ذَهَبَ، وَإِذَا لَمْ يُذْكَرِ اللهُ) بضم أوله مبنيًّا للمفعول (ثَبَتَ عَلَى قَلْبِهِ) والتَّعبير بـ «يُذْكَر» أولى؛ لأنَّ إسناده إلى ابنِ عبَّاس ضعيف، أخرجَه الطَّبرانيُّ(4) وغيره، وأخرجَ(5) ابنُ مَرْدويه من وجهٍ آخر عن ابن عبَّاس قال: {الْوَسْوَاسِ} هو الشَّيطان، يولد المولود والوسواسُ على قلبهِ، فهو يصرفُه حيث شاء، فإذا ذُكرَ الله خنسَ، وإذا غفلَ جثم على قلبهِ فوسوسَ، وعند سعيد بنِ منصورٍ من طريق عروةَ بن رويم، قال: سألَ عيسى ◙ ربَّه أن يريهُ موضعَ الشَّيطان من ابنِ(6) آدمَ، فأُرَاه فإذا رأسه مثل رأسِ الحيَّة، واضعٌ رأسهُ على ثمرةِ القلبِ، فإذا ذكرَ العبدُ ربَّه خنسَ، وإذا تركَ منَّاه وحدَّثه. وقوله: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ}[الناس:5] هل يختصُّ ببني آدم أو يعمُّ بني آدم والجن؟ فيه قولان. ويكونونَ(7) قد دخلُوا في لفظِ النَّاس تغليبًا.


[1] قال الشيخ قطة ☼ : ولعله: من الناس فتدبر. انتهى.
[2] قوله: «وسقط لفظ سورة لغير أبي ذر»: ليست في (د).
[3] قوله: «وقال»: ليست في (د).
[4] هكذا في كل الأصول، والحديث عند الطبري (24/709)، وإليه عزاه في الدر المنثور (8/694).
[5] في (د): «وأخرجه».
[6] في (د): «بني».
[7] في (د) و(م): «يكون».