إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

الدخان

          ░░░44▒▒▒ (الدُّخَان) مكِّيَّة إلَّا قوله: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ}[الدخان:15] الآية، وهي سبعٌ أو تسع وخمسون آية، ولأبي ذرٍّ: ”سورة حم الدُّخَان“.
          ( ╖ ) سقطتِ البسملةُ لغير أبي ذرٍّ. (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وصلهُ الفِريابيُّ: ({رَهْوًا}) في قولهِ تعالى: {وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا}[الدخان:24] أي: (طَرِيقًا يَابِسًا) زاد الفِريابيُّ: كهيئتِهِ يومَ ضربَهُ. وزاد أبو ذرٍّ: ”ويقال: {رَهْوًا} ساكنًا “ يقال: جاءَت الخيلُ رَهوًا، أي: ساكنة، قال النَّابغة:
والخَيْلُ تَمْرَحُ(1) رَهْوًا فِي أَعِنَّتِهَا                     كالطَّيْرِ يَنْجُو مِنَ الشُؤْبُوبِ ذِي البَرَدِ
وعن أبي عُبيدة: {رَهْوًا} منفتحًا فُرَجًا على ما تركتهُ، روي: أنَّه لما انفلقَ البحرُ لموسى وطلعَ منه خاف أن يدركهُ فرعونُ، فأرادَ أن يضربهُ ليعودَ حتَّى لا يلحقهُ، فقيل له: اتركهُ، إنَّهم جندٌ مُغْرقون.
          ({عَلَى الْعَالَمِينَ}[الدخان:32]) ولأبي ذرٍّ: ”{عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}“ (عَلَى مَنْ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ) أي: اخترنَا مؤمني(2) بني إسرائيلَ على عالمي زمانِهم. ({فَاعْتِلُوهُ}) في قولهِ تعالى: {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ}[الدخان:47] أي: (ادْفَعُوهُ) دفعًا عنيفًا.
          ({وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ}[الدخان:54] أَنْكَحْنَاهُمْ) ولأبي ذرٍّ: ”{بِحُورٍ عِينٍ} أنكحنَاهُم“ (حُوْرًا عِيْنًا، يَحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ) والعِينُ: جمع: عيناء، العظيمةُ العينينِ من النِّساء الواسعتهما، وليس المرادُ عقد التَّزويج، ولأبي ذرٍّ هنا: ”{فَاعْتِلُوهُ} ادفعوهُ“.
          ويقال: إنَّ(3) ({تَرْجُمُونِ}) في قولهِ: {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ}[الدخان:20] المراد بالرَّجم هنا (القَتْلُ) وقال ابن عبَّاس: {تَرْجُمُونِ} بالقتلِ، وهو الشَّتم، ويقولون: هو ساحرٌ، وقال ش: بالحجارةِ‼ (وَ{رَهْوًا}[الدخان:24] سَاكِنًا) كذا هو هنا في «اليونينية» وفرعها، وسبق ذكره لأبي ذرٍّ(4).
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) فيما رواه ابنُ أبي حاتمٍ في قوله(5): ({كَالْمُهْلِ}) من قوله(6): {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ. طَعَامُ الْأَثِيمِ. كَالْمُهْلِ}[الدخان:43-45] هو (أَسْوَدُ كَمُهْلِ الزَّيْتِ) أي: كَدُرْديِّه(7) أو عَكَر القطرانِ، أو ما أذيبَ من الذَّهبِ والفضَّةِ، أو من كلِّ(8) المنطبعاتِ كالحديدِ.
          (وَقَالَ غَيْرُهُ) أي: غير ابن عبَّاسٍ في ({تُبَّعٍ}) من قوله تعالى: {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ}[الدخان:37]: هم (مُلُوكُ اليَمَنِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُسَمَّى تُبَّعًا؛ لأَنَّهُ يَتْبَعُ صَاحِبَهُ) وقيل: لأنَّ أهل الدُّنيا كانوا يتبعونَه، وموضع تُبَّع في الجاهليَّة موضع الخليفةِ في الإسلامِ (وَالظِّلُّ يُسَمَّى تُبَّعًا؛ لأَنَّهُ يَتْبَعُ الشَّمْسَ) قاله أبو عُبيدة، وقالت عائشة _فيما رواه عبد الرَّزَّاق_: كان تُبَّع رجلًا صالحًا.


[1] في (د): «تسرع».
[2] في (د): «موسى».
[3] قوله: «ولأبي ذرٍّ هنا {فَاعْتِلُوهُ} ادفعوهُ ويقال إن»: ليست في (م) و(د).
[4] قوله: «و{رَهْوًا} سَاكِنًا كذا هو هنا في اليونينية وفرعها، وسبق ذكره لأبي ذرٍّ»: ليست في (م) و(د).
[5] «قوله»: ليست في (ص) و(س).
[6] في (م): «في قوله تعالى».
[7] في (م): «كدورته».
[8] قوله: «كل»: ليست في (ص).