إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

الأحقاف

          ░░░46▒▒▒ (الأَحْقَافِ) مكِّيَّة، وآيُها أربع أو خمس وثلاثون، ولأبي ذرٍّ: ”سورة حَم الأحقاف، ╖ “.
          (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما(1) وصلهُ الطَّبريُّ في ({تُفِيضُونَ}) من قوله تعالى: {هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ}[الأحقاف:8] أي: (تَقُولُونَ) من التَّكذيب بالقرآن والقول فيه بأنَّه سحرٌ، وهذا ساقط لأبي ذرٍّ.
          (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ▬أَثَرَةٌ↨) بفتحات من غير ألفٍ، وعُزِيت لقراءةِ عليٍّ وابنِ عبَّاسٍ وغيرهما (▬وَأُثْرَةٌ↨) بضم فسكون ففتح، وعُزيت لقراءةِ الكِسائيِّ في غير المشهور(2) (وَأَثَارَةٌ) بالألفِ(3) بعد المثلَّثة، وهي قراءةُ العامَّة مصدر على فَعَالة كضَلَالة، ومراده قولُه تعالى: {اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ}[الأحقاف:4] هي (بَقِيَّةُ عِلْمٍ) ولأبي ذرٍّ: ”من علم“، وأَثَرة وأُثْرة وأَثَارةٌ برفع الثَّلاثة، والتَّنزيل بالجرِّ، وهذا قاله أبو عُبيدة والفرَّاء.
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) فيما وصلهُ ابنُ أبي حاتمٍ: ({ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ}[الأحقاف:9]) أي: (لَسْتُ بِأَوَّلِ الرُّسُلِ) ولأبي ذرٍّ: ”ما كنتُ بأوَّل الرُّسل“ فكيف تنكرون نبوَّتي وإخبارِي بأنِّي رسول الله؟!
          (وَقَالَ غَيْرُهُ) أي: غير ابنُ عبَّاسٍ: ({أَرَأَيْتُمْ}) من قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللهِ}[الأحقاف:10] (هَذِهِ الأَلِفُ) الَّتي في أوَّل {أَرَأَيْتُمْ} المستفهمَ بها (إِنَّمَا هِيَ تَوَعُّدٌ) لكفَّار مكَّة حيث ادَّعوا صحَّة ما عبدوهُ من دون الله (إِنْ صَحَّ مَا تَدَّعُونَ) بتشديد الدال في زعمِكم ذلك (لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ) لأنَّه مخلوقٌ، ولا يستحقُ أن يعبد إلَّا الخالقُ (وَلَيْسَ قَوْلُهُ: {أَرَأَيْتُمْ}(4) بِرُؤْيَةِ العَيْنِ) الَّتي هي الإبصارُ (إِنَّمَا هُوَ) أي: معناه (أَتَعْلَمُونَ؟ أَبَلَغَكُمْ أَنَّ مَا تَدْعُونَ) بسكون الدال مخفَّفة (مِنْ دُونِ اللهِ خَلَقُوا شَيْئًا؟) ومفعولا {أَرَأَيْتُمْ} محذوفان، تقديرُه: أَرَأيتم حالَكُم إن كان كذا؟ ألستُم ظالمينَ؟ وجوابُ الشَّرط أيضًا محذوفٌ تقديرُه: فقد ظلمتُم، ولهذا أتى بفعل الشَّرطِ ماضيًا، وسقطَ من قوله: «وقال غيره...» إلى هنا لأبي ذرٍّ(5).


[1] في (س): «مما».
[2] قوله: «وأثرة بضم فسكون ففتح، وعزيت لقراءة الكسائي في غير المشهور»: ليست في (ص).
[3] في (م): «بألف».
[4] في (م): «أفرأيتم».
[5] قوله: «وسقطَ من قوله: وقال غيره... إلى هنا لأبي ذرٍّ»: ليس في (د).