إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

سورة {والنازعات}

          ░░░79▒▒▒ (سورة {وَالنَّازِعَاتِ})(1) مكِّيَّة، وآيُها خمسٌ أو ستٌّ وأربعون.
          (وَقَالَ(2) مُجَاهِدٌ) فيما وصلَه الفِريابيُّ في قولهِ تعالى: ({ الْآيَةَ الْكُبْرَى}[النازعات:20]) هي (عَصَاهُ) الَّتي قُلِبت حيَّة (وَيَدُهُ) البيضَاء من آياتهِ التِّسع.
          (يُقَالُ: النَّاخِرَةُ وَالنَّخِرَةُ) بالألف أبو(3) بكرٍ وحَمزة والكِسائي، وبحذفها الباقُون(4) (سَوَاءٌ) في المعنى، أي: باليةٌ (مِثْلُ: الطَّامِعِ وَالطَّمِعِ) بفتح الطاء وكسر الميم (وَالبَاخِلِ وَالبَخِيلِ) بالتَّحتية بعد المعجمة، وفي نسخة: ”والبخِل“ بحذفها، والنَّاخرة: اسمُ فاعلٍ، والنَّخِرة: صفةٌ مشبَّهة. قال العينيُّ: وفي تمثيلهِ بالطَّامع... إلى آخره نظرٌ؛ لما ذُكر من أنَّ النَّاخر اسم فاعل... إلى آخره، والتَّفاوت بينهما في التَّذكير والتَّأنيث، ولو قال: مثلُ صانِعَة وصنعَةٍ ونحو ذلك؛ لكان أصوب، وسقط «يقال»(5) لأبي ذرٍّ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”والنَّاحل والنَّحيل“ بالنون والحاء المهملة «فيهما» بدل: «سابقهما».
          (وَقَالَ بَعْضُهُمْ) فارقًا بينهما: (النَّخِرَةُ: البَالِيَةُ، وَالنَّاخِرَةُ: العَظْمُ المُجَوَّفُ الَّذِي(6) تَمُرُّ فِيهِ الرِّيحُ فَيَنْخَرُ) أي: يصوِّت حتَّى يُسمع له نخيرٌ(7).
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) ممَّا رواهُ ابنُ أبي حاتمٍ: ({الْحَافِرَةِ}) من قوله: { أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ}[النازعات:10]‼ (الَّتِي أَمْرُنَا) ولأبي ذرٍّ: ”إلى أمرِنَا“ (الأَوَّلُ إِلَى الحَيَاةِ) بعدَ أن نَموت، من قولهم: رجعَ فلانٌ في حافرتهِ، أي: طريقتهِ الَّتي جاء فيها فحفَرها، أي: أثَّر فيها بمشيهِ، وقيل: الحافِرة / الأرضُ الَّتي فيها قبورهم، ومعناهُ: أَئِنَّا لَمَرْدُودُون ونحن في الحافِرَةِ.
          (وَقَالَ غَيْرُهُ) غير ابن عبَّاس: ({أَيَّانَ مُرْسَاهَا}[النازعات:42]) أي: (مَتَى مُنْتَهَاهَا) ومستقرُّها؟ (وَمُرْسَى السَّفِينَةِ) بضم الميم (حَيْثُ تَنْتَهِي) والضَّمير في {مُرْسَاهَا} للسَّاعة، وقوله تعالى: {فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا. إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا}[النازعات:43-44] أي: ليسَ علمها إليكَ ولا إلى أحدٍ، بلْ مردُّها إلى اللهِ تعالى، فهو الَّذي يعلمُ وقتها على التَّعيين.


[1] في (م) زيادة: «وتسمَّى سورة السَّاهرة».
[2] في (م): «قال».
[3] في (د): «قراءة أبو».
[4] في (د): والكسائيُّ، ولم أدرِ مَن قرأ: «النَّخِرَةُ».
[5] في (ص) و(م): «ويقال».
[6] في (ج): «التي»، وبهامشها: بخطِّه: كذا ضُبِّب عليها في «الفرع» كأصلها.
[7] في (د) زيادة هنا، وستأتي في نهاية الحديث التالي: «{الطَّامَّةُ} تطِمُّ على كلِّ شيءٍ؛ بكسر الطَّاء في المستقبل عند أبي ذرٍّ».