إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

سورة{ن والقلم}

          ░░░68▒▒▒ (سورة {ن وَالْقَلَمِ}) مكِّيَّة وآيُها ثنتان وخمسون.
          ( ╖ ) وسقطَ لفظ «سورة» والبسملة لغيرِ أبي ذرٍّ، و«نون» من أسماءِ الحُروف، وقيل: اسمُ الحوتِ. وروى أبو جعفرٍ عن ابنِ عبَّاس: أوَّل ما خلقَ الله القَلم، قال: اكتُب القَدر، فجرى بما يكونُ من ذلكَ اليومِ إلى قيامِ السَّاعة، ثمَّ خلَق النون، ورفعَ بخار الماءِ، ففُتقَت منه السَّماء، وبُسطَت الأرضُ على ظهرِ النون، فاضطَرب النُّون فمادت الأرض. وكذا رواهُ ابنُ أبي حاتمٍ، وذكرَ البَغويُّ وغيره: أنَّ على ظهرِ هذا الحُوت صخرةً سمكُها كغلظِ السَّمواتِ والأرض، وعلى ظهرهَا ثورٌ لهُ أربعونَ ألفَ قرنٍ، وعلى متنهِ الأرضُون السَّبع ومَا فيهنَّ ومَا بينهنَّ، فالله أعلم.
          و {وَالْقَلَمِ}: هو الَّذي خطَّ اللَّوح، أو الَّذي يُخطُّ بهِ، وأقسمَ بهِ لكثرةِ فوائدهِ، وجوابُ القَسم الجملةُ المنفيَّة.
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: { يَتَخَافَتُونَ}) من قولهِ: {فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ}[القلم:23] أي: (يَنْتَجُونَ) بفتح التحتية وسكون النون وفتح الفوقية بعدها جيم(1) (السِّرَارَ وَالكَلَامَ الخَفِي) وسقطَ هذا لغيرِ أبي ذرٍّ.
          (وقَالَ قَتَادَةُ: {حَرْدٍ}) بالجر، ولأبي ذرٍّ بالرفع(2)، أي: في قولهِ تعالى: {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ}[القلم:25] أي: (جِدٍّ) بكسر الجيم (فِي أَنْفُسِهِمْ) وقيل: الحرْدُ: الغضبُ والحَنق، وقيل: المنعُ، من حاردَتِ الإبلُ: انقطع(3) لبنُها، والسَّنَة: قلَّ مطرها. قاله أبو عُبيدة، و{قَادِرِينَ} حال من فاعل {وَغَدَوْا} و{عَلَى حَرْدٍ} متعلِّق به.
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) فيما وصلهُ ابنُ أبي حاتمٍ: ({لَضَالُّونَ}[القلم:26]) أي: (أَضْلَلْنَا مَكَانَ‼ جَنَّتِنَا) فتُهنا عنها، ثمَّ لمَّا رجعُوا عمَّا كانوا فيه وتيقَّنوا أنَّها هي؛ قالوا(4): {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ}[القلم:27] أي: بل هي هذهِ، ولكن لا حظَّ لنا ولا نَصيب.
          (وَقَالَ غَيْرُهُ) أي: غيرُ ابنِ عبَّاسٍ: ({كَالصَّرِيمِ}) في قولهِ تعالى: {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ}[القلم:20] أي: (كَالصُّبْحِ انْصَرَمَ) انقطعَ (مِنَ اللَّيْلِ، وَاللَّيْلِ انْصَرَمَ) انقطعَ (مِنَ النَّهَارِ) فالصَّريم يطلقُ على اللَّيل لسوادهِ، وعلى النَّهار وعلى الصُّبح، فهو من الأضداد. وقال شَمِر: الصَّريم اللَّيل والنَّهار؛ لانصرامِ هذا عن ذاكَ، وذاكَ عن هذا (وَهْوَ أَيْضًا كُلُّ رَمْلَةٍ انْصَرَمَتْ) انقطعت (مِنْ مُعْظَمِ الرَّمْلِ، وَالصَّرِيمُ أَيْضًا المَصْرُومُ، مِثْلُ قَتِيلٍ وَمَقْتُولٍ) فعيل بمعنى مفعول. وفي «التفسير»: أي: كالبستانِ الَّذي صُرم ثمارُه بحيثُ لم يبقَ فيه شيءٌ، أو كاللَّيل باحتراقِها واسودادِها، أو كالنَّهار بابيضاضِها من فرطِ اليَبس.


[1] قوله: «بفتح التحتية وسكون النون وفتح الفوقية بعدها جيم»: ليس في (د).
[2] قوله: «بالجر ولأبي ذر بالرفع»: ليست في (د).
[3] في (د): «قل».
[4] في (ص) و(د): «فقالوا».