إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

سورة التغابن

          ░░░64▒▒▒ (سورة التَّغَابُنِ) قيل(1): مكِّيَّة، وقيل: مدنيَّة، وآيُها ثمان عشرة، ولأبي ذرٍّ زيادة(2): ”والطَّلاق“.
          ( ╖ ) وسقطَتِ البسملةُ لغير أبي ذرٍّ. (وَقَالَ عَلْقَمَةُ) بنُ قيسٍ، فيما وصلَه عبدُ الرَّزَّاق: (عَنْ عَبْدِ اللهِ) بنِ مسعودٍ في قولهِ تعالى: ({وَمَن يُؤْمِن بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}[التغابن:11]) مجزومٌ بالشَّرط (هُوَ الَّذِي إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ رَضِيَ) بِهَا (وَعَرَفَ أَنَّهَا مِنَ اللهِ) ╡، فيسلِّم لقضائِه، وعن مُحيي السُّنة _فيما ذكرهُ في «فتوح الغيب»_: {يَهْدِ قَلْبَهُ} يوفِّقه لليقينِ حتَّى يعلمَ أنَّ ما أصابهُ لم يكن ليُخطئه، وما أخطأَهُ لم يكنْ ليصيبهُ، فيسلِّم لقضائهِ(3).
          (وَقَالَ مُجَاهِدٌ‼) فيما وصلَه الفِرْيابيُّ: (التَّغَابُنُ) هو (غَبْنُ أَهْلِ الجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ) لنزول أهلِ الجنَّة منازلَ أهلِ النَّار لو كانوا سعدَاء، وبالعكس، مستعارٌ من تغابنِ التُّجَّار، كذا قرَّره القاضي كـ «الكشَّاف»، لكن قالَ في «فتوح الغيبِ»: لا يستقيمُ باعتبارِ الأشقياء؛ لأنَّهم لا يغبنون السُّعداء بنزولِهم في منازلهم من(4) النَّار، إلَّا بالاستعارةِ التَّهكميَّة، ولذا قال في «الكشَّاف»: وفيه تهكُّم بالأشقياءِ؛ لأنَّ نزولهم ليس يغبن، وجعلَ الواحديُّ التَّغابن من طرفٍ واحدٍ للمبالغة؛ حيث قال: {يَوْمُ التَّغَابُنِ}[التغابن:9] يَغْبِنُ فيهِ أهلُ الحقِّ(5) أهلَ الباطل، وأهلُ الإيمانِ أهل الكُفر، ولا غبنَ أبينَ من هذا، هؤلاء يدخلونَ الجنَّة وهؤلاء يدخلون النَّار، وأحسنُ منهما ما ذكرهُ محيي السُّنَّة قال: هو تفاعلٌ من الغُبن؛ وهو فوتُ الحظِّ، والمراد: فالمغبونُ من غبنَ في أهله ومنازله في الجنَّة(6)، فظهر يومئذٍ غبن كلِّ كافرٍ بترك الإيمانِ، وغبنِ / كلِّ مؤمنٍ بتقصيرهِ في الإحسانِ.


[1] قوله: «قيل»: ليس في (د).
[2] قوله: «زيادة»: ليس في (ص).
[3] في (د) و(م) و(ص) زيادة هنا ستأتي بعدُ كما هي في (س) وعليها اعتمدت في ترتيب تفسير هاتين السورتين: «سورة الطلاق مدنية وآيها اثنا عشر وسقطت لأبي ذر».
[4] «من»: ليست في (د).
[5] في (د): «أهل الموقف أهل الحق».
[6] قوله: «في الجنة»: ليست في (ص).