إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

سورة {ألم نشرح لك}

          ░░░94▒▒▒ (سورة {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ}) مكِّيَّة، وآيُها ثمان.
          ( ╖ ) ثبت لفظ: ”{لَكَ}“ والبسملة لأبي ذرٍّ. (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وصلَه الفِريابيُّ: ({وِزْرَكَ}) أي: الكائن (فِي الجَاهِلِيَّةِ) من تركِ الأفضلِ والذَّهاب إلى الفاضلِ.
          ({أَنقَضَ}[الشرح:3]) أي: (أَثْقَلَ) بمثلثة فقاف فلام، كذا في الفَرْع كأصلِه(1)، وعزاهَا في «الفتح» لابن السَّكن، وفي نسخة: ”أتقن“. وقال القاضِي عياضٌ: إنَّها كذا في جميعِ النُّسخ بفوقية وبعد القاف نون، وهو وهمٌ، والصَّواب الأوَّل، وأصلهُ الصَّوت، والنقيضُ: صوت المحاملِ والرِّحال بالحاء المهملة.
          ({مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}[الشرح:5] قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ) سفيانُ: (أَيْ: مَعَ ذَلِكَ العُسْرِ يُسْرًا آخَرَ) لأنَّ(2) النَّكرة إذا أعيدَت نكرةً فهي(3) غير الأولى، فاليسرُ هنا اثنان، والعسر واحدٌ. قال الفرَّاء: إذا ذكرتِ العربُ‼ نكرةً ثمَّ أعادتْها منكَّرة(4) مثلها صارتا اثنتين، كقولك: إذا كسبت(5) درهمًا، فأنفِق درهمًا، فإنَّ الثَّاني غير الأوَّل، فإذا أعادتها معرفةً فهي هي، أي: نحو قوله تعالى: { كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا. فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ}[المزمل:15-16] وذكرَ الزَّجَّاج نحوه، وقال السَّيِّد في «الأمالي»: وإنَّما كان العُسر معرَّفًا واليُسر منكَّرًا؛ لأنَّ الاسمَ إذا تكرَّر منكَّرًا فالثَّاني غير الأوَّل، كقولك: جاءني رجلٌ فقلتُ لرجلٍ كذا وكذا(6)، وكذلك(7) إن كان الأوَّل معرفةً والثَّاني نكرةً؛ نحو: حضرَ الرَّجل فأكرمتُ رجلًا(8) (كَقَوْلِهِ) جلَّ وعلا: ({هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ}[التوبة:52]) أي: كما ثبتَ للمؤمنين(9) تعدُّد الحُسنى كذا ثبتَ لهم تعدُّد اليُسر (وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَينِ) رواه سعيدُ بن منصورٍ وعبدُ الرَّزَّاق من حديثِ ابنِ مسعودٍ بلفظ قال(10): قال رسول الله صلعم : «لو كانَ العسرُ في جُحْرٍ؛ لدخلَ عليهِ اليُسر حتَّى يخرجَه، ولن يغلبَ عسرٌ يسرين» ثمَّ قال: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}[الشرح:5-6] وإسنادهُ ضعيفٌ. وعن جابرٍ عند ابنِ مَرْدويه قال: قال رسول الله صلعم : «أوحِيَ إليَّ: إنَّ معَ العُسر يسرًا، إنَّ معَ العُسر يسرًا(11)، ولن يغلبَ عسرٌ يُسْرين».
          (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وصله ابنُ المبارك في «الزُّهد»: ({فَانصَبْ}[الشرح:7]) أي: (فِي حَاجَتِكَ إِلَى رَبِّكَ) وقال ابنُ عبَّاسٍ: إذا فرغتَ من الصَّلاةِ المكتُوبة فانصبْ إلى ربِّك في الدُّعاء(12)، وارغَبْ إليهِ في المسألةِ.
          (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) فيما(13) وصلَه ابنُ مَرْدويه بإسنادٍ فيه راوٍ ضعيفٍ في قولهِ تعالى: ({أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ }: شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ) وقيل: ألم نفتَحْ قلبكَ ونوسِّعه للإيمانِ والنُّبوَّة والعلمِ والحكمةِ(14)، والاستفهام إذا دخلَ على النَّفيِ(15) قرَّره فصارَ المعنى: قد شرحنَا، وسقط لغير أبي ذرٍّ «{لَكَ (16) صَدْرَكَ}».


[1] قوله: «كأصله»: ليس في (د).
[2] في (م): «على أن».
[3] في (م): «فهو».
[4] في (ص): «بنكرة».
[5] في (م): «اكتسبت».
[6] قوله: «وكذا»: ليس في (د).
[7] قوله: «وكذلك»: ليس في (ص).
[8] في (ج) و(ل): «الرَّجل».
[9] في (م): «للمسلمين».
[10] قوله: «قال»: ضرب عليها في (م).
[11] قوله: «إن مع العسر يسرًا»: ليس في (م).
[12] في (د): «الدنيا».
[13] في (س): «مما».
[14] في (د): «والحكم».
[15] في (ب): «المنفي».
[16] «{ لَكَ}»: ليست في (د).