إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

كتاب الأطعمة

          ░░70▒▒ ( ╖ ) كذا بإثبات البسملةِ هنا في الفرع (كِتَابُ الأَطْعِمَةِ) جمع: طعام كرَحَاء(1) وأَرْحية. قال في «القاموس»: الطَّعام: البرُّ وما يؤكل، وجمع الجمع: أَطْعِمات. وقال ابن فارس في «المجمل»: يقعُ على كلِّ ما يطعم حتَّى الماء. قال تعالى: {فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي}[البقرة:249]. وقال النَّبيُّ صلعم في زمزم: «إنَّها طعامُ طُعْم وشفاءُ سُقْم» والطَّعْم _بالفتح_: ما يؤدِّيه الذَّوق. يقال: طَعْمُه مرٌّ أو حلوٌ(2)، والطُّعم _أيضًا بالضم_: الطعام، وطَعِم _بالكسر_ أي: أكلَ وذاقَ يَطْعَم _بالفتح_ طُعْمًا، فهو طاعمٌ، كغَنِم يَغْنَم فهو غَانم.
          (وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}[البقرة:57]) من مستلذَّاته، أو من حلالاتهِ والحلال المأذون فيه ضدُّ الحرام الممنوعِ منه. والطَّيِّب في اللُّغة بمعنى: الطَّاهر. والحلالُ يوصف بأنَّه طيِّب. والطَّيِّب في الأصلِ ما يستلذُّ ويُستطاب، ووصف به(3) الطَّاهر والحلال على جهةِ التَّشبيه؛ لأنَّ النَّجس تكرهه النَّفس ولا يُستلذ(4)، والحرامُ غير مستلذٍّ لأنَّ الشَّرع زَجَرَ عنه. فالمرادُ بالطَّيِّب: أن لا يكون متعلَّقَ حقِّ الغير، فإن أكلَ الحرامَ وإن استطابهُ الآكلُ فمن حيثُ يؤدِّي إلى العقابِ يصير مضرًّا ولا يكون مستطابًا.
          (وَقَوْلِهِ) تعالى: ({أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ}[البقرة:267]) من جيادِ(5) مكسوباتِكم، ولغير أبي ذرٍّ: ”كلوا“ بدل: «أنفقوا» ورواية أبي ذرٍّ موافقة للتِّلاوة (وَقَوْلِهِ) تعالى: ({كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ}) وأوَّل الآية {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ (6)} وليس النِّداء والخطاب على ظاهرهما لأنَّهم أرسلوا متفرِّقين في أزمنةٍ مختلفةٍ، وإنَّما المعنى الإعلامُ بأنَّ كلَّ رسولٍ / في زمانهِ نودي بذلك ووصَّى به، ليعتقدَ السَّامع أنَّ أمرًا نودِي له جميع الرُّسل ووصُّوا به حقيقٌ أن يؤخذَ به ويعملَ عليه. أو خطابٌ لنبيِّنا صلعم لفضلهِ وقيامهِ مقام الكلِّ في زمانهِ وكان يأكلُ من الغنائمِ. أو لعيسى لاتِّصال الآيةِ بذكرهِ، وكان يأكلُ من غزلِ أمِّه، كما قالَه أبو(7) إسحاق السَّبيعيُّ، عن أبي مَيْسرة عَمرو بن شرحبيل(8)، وهو أطيبُ الطَّيِّبات.
          وفي «الصحيح»: أنَّ داودَ كان يأكلُ من عملِ يدهِ [خ¦2072] ({وَاعْمَلُوا صَالِحًا}) موافقًا للشَّريعة ({إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}[المؤمنون:51]) فأجازيكُم على أعمالكُم.


[1] قال الشيخ قطة ☼ : في المد نظر؛ فإن في المصباح صرح بأنه مقصور.
[2] في (د): «مر وحلو».
[3] وقع في (م) و(د): بعد لفظ «يستلذ».
[4] في (د): «تستلذه».
[5] في (م): «خيار».
[6] «كلوا من الطيبات»: ليست في (ب) و(س) و(د).
[7] في (د): «ابن».
[8] في (د): «شراحيل».