إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قوله: {ما ننسخ من آية أو ننسها}

          ░7▒ (بابُ قَوْلِهِ) تعالى: ({مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا}[البقرة:106]) بفتح نون {نَنسَخْ} الأولى وسينها، مضارع «نَسَخَ»، وضمَّ‼ ابن عامرٍ النُّون وكسرَ السِّين، مضارع «أنسخ» ولأبي ذرٍّ: ”{نُنسِهَا}“ بضمِّ النُّون الأولى وسكون الثَّانية(1) من غير همزٍ، وهي قراءة نافعٍ وابن عامرٍ والكوفيِّين؛ من التَّرك، والأُولَى من التَّأخير، وزاد أبو ذرٍّ: ”{نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا}“ و{مَا}: مفعولٌ مقدَّمٌ لـ {نَنسَخْ} وهي شرطيَّةٌ جازمةٌ له، والتَّقدير: أيَّ شيءٍ ننسخ، وقيل: شرطيَّةٌ جازمةٌ لـ {نَنسَخْ} واقعةٌ موقع المصدر، و{مِنْ آيَةٍ}: هو المفعول به، والتَّقدير: أيَّ نسخٍ ننسخ آيةً، ورُدَّ بأنَّه يلزم من هذا خلوُّ جملة الجزاء من ضمير يعود على اسم الشَّرط؛ وهو لا يجوز، و{مِنْ آيَةٍ}: للتَّبعيض؛ فهي متعلِّقةٌ بمحذوفٍ؛ لأنَّها صفةٌ لاسم الشَّرط، والنَّسخ لغةً: الإزالة أو النَّقل من غير إزالةٍ، ونسخ الآية: بيان انتهاء التَّعبُّد بقراءتها(2)، أو الحكم المستفاد منها، أو بهما جميعًا، فمثال نسخ قراءتها / وإبقاء حكمها نحو: «الشَّيخ والشَّيخة إذا زنيا؛ فارجموهما» والحكم فقط نحو: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}[البقرة:184] والحكم والتِّلاوة نحو: «عشر رضعاتٍ يحرِّمن» روى مسلمٌ عن عائشة: «كان فيما أُنزِل: عشر رضعاتٍ معلوماتٍ، فنُسخَت بخمسٍ» ويكون بلا بدلٍ كالصَّدقة أمام نجواه ╕ ، وببدلٍ مماثلٍ كالقِبْلة، وأخفَّ كعدَّة الوفاة، وأثقل كنسخ التَّخيير بين صوم شهر(3) رمضان والفدية، قال الله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}[البقرة:184].


[1] في (ل): «وكسر الثانية».
[2] في (ب) و(س): «بتلاوتها».
[3] «شهر»: مثبتٌ من (د).