إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

العنكبوت

          ░░░29▒▒▒ (العَنْكَبُوتُ) مكِّيَّةٌ، وهي تسعٌ وستونَ آيةً، ولأبي ذرٍّ: ”سورةُ العنكبوتِ ╖“.
          (قَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”وقال“ (مُجَاهِدٌ) فيما وصله ابنُ أبي حاتم في قوله: ({مُسْتَبْصِرِينَ}) من قوله: {فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ}[العنكبوت:38]‼ أي: (ضَلَلَةً) يحسَبون أنَّهم على هدى وهم على الباطل، والمعنى: أنَّهم كانوا عند أهلهم مستبصرين(1)، وفي نسخة: ”ضلالة“ بألفٍ(2) بين اللامين، وعند ابن أبي حاتم عن قتادة: كانوا مستبصرين في ضلالتهم معجبين بها، وقال في «الأنوار» أي: متمكِّنين من النظر والاستبصار، ولكنَّهم لم يفعلوا.
          (وَقَالَ غَيْرُهُ) غيرُ مجاهدٍ في قوله: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ}[العنكبوت:64] (الحَيَوَانُ وَالحَيُّ وَاحِدٌ) في المعنى، وهو قولُ أبي عبيدةَ، والمعنى: لهي(3) دار الحياة الحقيقيَّة(4) الدَّائمة الباقية؛ لامتناع طريان الموت عليها، أو هي في ذاتها حياةٌ للمبالغة؛ «والحَي» بفتح الحاء في الفرع وغيره ممَّا وقفتُ عليه، وقال في «المصابيح»: بكسرها، مصدرُ «حَيَّ»(5)، مثل: عَيَّ في مَنْطِقِهِ عِيًّا، قال: وعند ابن السَّكَن والأصيليِّ: ”الحيوان والحياة واحد“، والمعنى لا يختلفُ، وقد سقط لغير أبي ذرٍّ والأصيلي «الحيوان والحي واحد»، وثبت لهما في الفرع(6).
          ({فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ}[العنكبوت:3]) أي: (عَلِمَ اللهُ ذَلِكَ) في الأزلِ القديمِ، فصيغةُ المضيِّ في {فَلَيَعْلَمَنَّ (7) اللهُ} (إِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ: فَلِيَمِيزَ اللهُ) بفتح الياء التحتيَّة وكسر الميم (كَقَوْلِهِ) ╡: ({لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ}[الأنفال:37]) زاد أبو ذرٍّ(8): ”{مِنَ الطَّيِّبِ}“ لما بين العلم والتمييز من الملازمة، قاله الكِرمانيُّ.
          ({وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ}[العنكبوت:13]) أي: (أَوْزَارًا مَعَ أَوْزَارِهِمْ) بسبب إضلالهم لهم(9)، لقوله ╕ : «مَن سَنَّ سُنَّةً سيِّئةً؛ فعليه وزرها ووزر مَن عمل بها من غير أن ينقصَ مِن وزره شيءٌ» أي: وليحملن أوزار أعمالهم التي عملوها بأنفسهم، وأوزارًا مثل أوزار مَن أضلُّوا مع أوزارهم، وسقط لغير الأصيليِّ «أوزارًا مع(10)».


[1] قوله: «أي: ضَلَلَةً يحسَبون أنَّهم على هدى وهم على الباطل، والمعنى: أنَّهم كانوا عند أهلهم مستبصرين»، سقط من (د).
[2] في (د): «بألف».
[3] في (ص): «هي»، وفي (م): «لهم».
[4] في (د): «الحقيقة».
[5] زيد في (م): «منك».
[6] زيد في غير (د) و(م): «كأصله».
[7] في (د): «بصيغة المضي من».
[8] في (م): «داود».
[9] «لهم»: ليس في (م).
[10] زيد في (د) و(م): «أوزارهم».