إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

سورة {قل أعوذ برب الفلق}

          ░░░113▒▒▒ (سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}) مكِّيَّة أو مدنيَّة، وآيُها خمس.
          ( ╖ ) ثبت لفظ: ”سورة“ والبسملة لأبي ذرٍّ. (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيمَا وصلهُ الفِريابيُّ: ({ الْفَلَقِ}[الفلق:1] الصُّبْحُ) لأنَّ اللَّيل يُفْلَقُ عنه ويُفْرَق، فَعَل بمعنى: مفعول، أي: مفلوقٌ، وتخصيصُه لما فيه من تغيُّر(1) الحالِ(2)، وتبدُّل وحشةِ اللَّيل بسرور النُّور، وقيل: هو كلُّ ما يفلقهُ الله؛ كالأرض عن النَّبات، والسَّحاب عن المطرِ، والأرحامِ عن الأولادِ، وثبت قوله: ”{ الْفَلَقِ}: الصُّبح“ لأبي ذرٍّ، وسقطَ لغيره.
          (و{غَاسِقٍ}) بالرَّفع وبالجرِّ، وهو الموافقُ للتَّنزيل: (اللَّيْلُ) أي: العظيم ظلامهُ ({إِ ذَا وَقَبَ}[الفلق:3]) أي: (غُرُوبُ الشَّمْسِ، يُقَالُ(3): أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ) الأوَّل بالرَّاء، والثَّاني باللَّام ({وَقَبَ} إِذَا دَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَظْلَمَ) بغروبِ الشَّمس، وقيل: المراد القمر؛ فإنَّه يكسِفُ فيغسِقُ، ووقُوبُهُ دخولُهُ في الكسوفِ. وفي حديث عائشة عند التِّرمذيِّ والحاكمِ: أنَّه صلعم أخذَ بيدها فأراهَا القمرَ حين طلعَ، وقال: «تعوَّذي باللهِ مِن شرِّ هذا الغاسقِ إذا وقَبَ».
          قال في «شرح المشكاة»: لمَّا سُحر النَّبيُّ صلعم استشفَى بالمعوِّذتين؛ لأنَّهما من الجوامعِ في هذا البابِ، فتأمَّل في أولاهُما كيف خصَّ وصف المستعاذِ به(4) {بِرَبِّ الْفَلَقِ}[الفلق:1] أي: بفالقِ الإصباحِ؛ لأنَّ هذا الوقت وقت فيضانِ(5) الأنوارِ ونزولِ الخيراتِ والبركاتِ، وخصَّ المستعاذَ منه بـ {مَا خَلَقَ} فابتدأ بالعامِّ في قوله: {مِن شَرِّ مَا خَلَقَ}[الفلق:2] أي: من شرِّ خلقهِ، ثمَّ ثنَّى بالعطف عليه‼ ما هو شرُّه أخفى، وهو نقيضُ انفلاقِ(6) الصُّبح من دخولِ الظَّلام واعتكارهِ المعنيُّ(7) بقولهِ: {وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}[الفلق:3] لأنَّ انبثاثَ الشَّرِّ فيهِ أكثرُ، والتَّحرُّز منهُ أصعبُ، ومنه قولهم: اللَّيل أخفَى للويلِ.


[1] في (م): «تغيير».
[2] في (د): «الحالة».
[3] في (م): «فقال».
[4] في (د): «له».
[5] في (د): «بيان».
[6] في (د): «انقلاب».
[7] في (د): «والمعنى».