إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

{الذين كفروا}

          ░░░47▒▒▒ ({ الَّذِينَ كَفَرُوا}) مدنيَّة. وقيل: مكِّيَّة، وآيُها سبع أو ثمان وثلاثون آية، ولأبي ذرٍّ: ”سورة محمد صلعم ╖ “ وسقطتِ البسملَةُ لغير أبي ذرٍّ، وتسمَّى السَّورة أيضًا سورة القتالِ.
          ({أَوْزَارَهَا}) في قولهِ / تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}[محمد:4] أي(1): (آثَامَهَا) أو آلاتها وأثقالها، وهو من مجازِ الحذفِ، أي: حتَّى تضعَ أمَّة الحربِ، أو فرقة الحربِ أوزارَها، والمراد: انقضاء الحربِ بالكلِّيَّة (حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا مُسْلِمٌ) أو مسالمٌ، والمعنى: حتَّى يضعَ أهل الحربِ شركهم ومعاصيهم، وهو غايةٌ للضَّربِ أو الشَّدِّ أو للمنِّ والفداء أو للمجموعِ، يعني: أنَّ هذه الأحكامَ جاريةٌ فيهم حتَّى لا يكون حربٌ مع المشركين بزوالِ شوكتِهم، وقيل: بنزول عيسى، وأسندَ الوضع إلى الحربِ؛ لأنَّه لو أسندَه إلى أهلهِ بأن كان يقول: حتَّى تضعَ أمَّة الحربِ جازَ أن يضعُوا الأسلحةَ ويتركوا الحربَ، وهي باقيةٌ، كقول القائل:
خُصُوْمَتِي مَا انْفَصَلَتْ وَلَكِنْ                      تَرَكْتُهَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ
({عَرَّفَهَا}) في قولهِ تعالى: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ}[محمد:6] أي: (بَيَّنَهَا) لهم(2)، وعرَّفهُم منازلها بحيث يعلم كلُّ واحدٍ منهم(3) منزلهُ ويهتدِي إليه، كأنَّه كان ساكنهُ منذ خلقَ. أو طيَّبَها لهم، من العَرْفِ؛ وهو طيبُ الرَّائحة.
          (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما(4) وصلهُ الطَّبريُّ: ({مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا}[محمد:11]) أي: (وَلِيُّهُمْ) وسقطَ هذا لأبي ذرٍّ.
          ({عَزَمَ الْأَمْرُ}[محمد:21]) قاله مجاهدٌ فيما وصلهُ الفِريابيُّ (جَدَّ الأَمْرُ) ولأبي ذرٍّ: ”{ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ} أي: جدَّ الأمرُ“ وهو(5) على سبيلِ الإسنادِ المجازِي، كقوله:
قَدْ جَدَّتِ الحرْبُ بكم(6) فَجِدُّوا
أو على حذفِ مضاف، أي: عزمَ أهلُ الأمرِ، والمعنَى: إذا جدَّ الأمرُ ولزم فرض القتالِ خالفُوا وتخلَّفوا.
          ({فَلَا تَهِنُوا}[محمد:35]) أي: (لَا تَضْعُفُوا) بعدما وُجِدَ السَّبب، وهو الأمرُ بالجدِّ والاجتهادِ في القتالِ.
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) فيما وصلهُ ابنُ أبي حاتمٍ: ({أَضْغَانَهُمْ}) في قولهِ تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللهُ أَضْغَانَهُمْ}[محمد:29] أي: (حَسَدَهُمْ) بالحاء المهملة، وقيل: بغضهم وعداوتهم.
          ({آسِنٍ}) في قولهِ: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ}[محمد:15] أي: (مُتَغَيِّرٍ) طعمُه، وسقطَ هذا لأبي ذرٍّ.


[1] في (ص): «هو أي»، وفي (م): «هو».
[2] في (م) زيادة: «وعرفها لهم».
[3] قوله: «منهم»: ليست في (ب).
[4] في (س) و(ص): «مما».
[5] في (د): «وهذا».
[6] قوله: «بكم» زيادة من مصادر المصنف.